"قاط" الصناعة الوطنية وقهوة الرئيس |
برغم الاضرار المادية لإنخفاض اسعار النفط فإن في هذا الإنخفاض سبع فوائد لعلها تضاهي فوائد السفر أو تزيد. أولى هذه الفوائد سرعة إنجاز الموازنة بعد أن كانت تأخذ منا أيام الطفرة السعرية "سير وسريدة". الفائدة الثانية أن الخلافات بين الكتل تقلصت كثيرأ بعد شعور الجميع أن الحديدة "صارت حارة" ومن تجلياته الزحف المقدس على الرواتب والإمتيازات التي كان يحظى بها كبار المسؤولين والمسؤولات. الفائدة الثالثة تشديد البحث عن الاموال التي كانت تنهب بغير "وجع قلب" خلال السنوات الماضية دون أن تثير إهتمام أو إنتباه أحد برغم كثرة الهيئات واللجان والجهات الرقابية والإشرافية في كل مفاصل الدولة. ففي الوقت الذي كنا فيه أيام الطفرة السعرية نتابع أخبار النهب والسلب وما يحيط بهذه القصص من ملفات فإننا اليوم وبعد أن أفلسنا صرنا نسمع أخبارا مفرحة قوامها إعادة كذا ترليون دينار أو مليار دولار بعد أن جرت أخيرأ إحالة الملفات العالقة الخاصة بها الى النزاهة والقضاء. الفائدة الرابعة والخامسة والسادسة والسابعة والسبعون إعادة التفكير بأهمية ان تكون لنا صناعة وزراعة وطنيتان بعد أن فقدنا الإحساس بماهو وطني الإ على مستوى الكهرباء حين تأتي "الوطنية" بعد ساعات من "السحب". ولعل الأهم فيما تذكرناه على مستوى الصناعة إن لدينا معامل خياطة في النجف تقوم بتصنيع ملابس تجمع بين ماهو رئاسي وما هو شعبي حتى ان السيد رئيس الجمهورية الدكتور فؤاد معصوم كشف في بيان رئاسي إنه تلقى بدلة أنيقة من وزارة الصناعة وكان يوشك على إرتدائها في الحفل الذي أقامته الوزارة في معرض بغداد تحت شعار "صنع في العراق" لكن إنسكاب القهوة عليها حال دون ذلك. المهم خير البدلة بغيرها, فالمهم في الامر إنه أصبح لدينا "قاط وطني" بمواصفات نتمنى ان "نزامط" فيها الصناعة التركية أو الإيرانية أو السعودية. ومادمنا في سياق التمنيات فإنني أتمنى لكن هذه المرة على مستوى الزراعة أن ننتج خيارا وطنيأ وطماطة وطنية وفلفلا اخضر وطنيا وباذنجانا وطنيا "نزامط" به الزراعة الأردنية والسورية والباكستانية. المثل يقول "المايعرف تدابيره حنطته تاكل شعيره". هذا المثل ينطبق علينا من الناحية النظرية لا العملية. وبهذه المناسبة ندعو وزارة الزراعة أن تحذو حذو شقيقتها الصناعة في أن تضاعف مستويات إنتاج الحنطة والشعير ليس لأغراض الإكتفاء الذاتي أو التصدير بل من أجل ان ينطبق المثل بحيث تأكل حنطتنا من شعيرنا. وإذا كان وزير الصناعة أهدى رئيس الجمهورية بدلة أنيقة حالت القهوة دون تدشينها في الإحتفال فإن فرحتنا كعراقيين تزداد حين نرى الرئاسات الثلاث ترتدي زيأ وطنيأ موحدأعلى أن يكون امام كل رئيس من الرؤساء الثلاثة بطل ماء وطني وإستكان شاي شريطة أن يكون الإستكان من معمل زجاجيات الرمادي وقارورة عسل مصفى من معامل تصنيع كربلاء وصحن فواكه من برحي البصرة وبرتقال ديالى وبطيخ سامراء ورقي العظيم.
|