نور تتحول إلى ظلام |
القدر هو القدر..لايمكن أن نصنع أي شيء تجاة القدر المتربص بنا في أي زمانٍ ومكان.كانت فراشة صغيرة جميلة جمال الورد الندي عند الصباح. تضحك وتمرح لاتعرف الهدوء . شعلة متقدة من سعادة لاتنتهي. تطير من زهرةٍ الى زهرة تشم الورود وألأزهار في الليل والنهار. يعتليها حلمٌ كبير..أن تنهي مدرسة ألأطفال التي هي جزءٌ منها. تذهب في الصباح تحمل حقيبتها الملونة وشعرها الملفوف بقطعٍ من القماش الوردي علامة السعادة وألأنشراح. لاتعرف معنى الحياة..لاتعرف أي شيء سوى أنها تختلط مع زميلاتها الفراشات – الطالبات الصغار- عند الثامنة صباحاً وتعود عند ساعة الظهيرة. تركض على طول الشارع الطويل صوب الدار تحمل معها دروساً وأفكار. تغرد على طول الطريق كطيرٍ يغرد فوق ألأشجار. قلبٌ بريء لايعرف معنى الكذب أو الغش أو الخداع. هي برعمٌ لازال في طور التكوين . تحلم – كما يحلم ألأطفال- أن تكون طبيبة أو مهندسة أو معلمة – المدرسة الأبتدائية التي هي جزءٌ منها…عالمها الجميل. لم تتعدى أحلامها جدران البيت والمدرسة والشارع الطويل. غداً – ستذهب مع الصغار في سفرةٍ علميةٍ الى متحف في وسط المدينة التي لم ترها من قبل..فعالمها بيتٌ صغير ومدرسةٌ ومعلمات ومدير. هذا اليوم الى البيت عادت تركض وترقص فغداً يومٌ آخر..سفرةٌ ستعرف من خلالها متحفٌ علمي يشرح لها تاريخ الحيوانات العملاقة والديناصور وجميع هياكل الطيور. متى يأتي يوم غد كي ترى عالماً لايستطيع عقلها الفتي الصغير أن يفسر لها أشياءٌ وأشياء. وهي فرحة يعزف قلبها لحناً من الترقب وألأمل والغوص في أحضان العلم حيث المتحف العلمي ينتظرها في العاصمة هناك هي والصغار.أرادت أن تستعد لذلك اليوم الكبير. دخلت الى مكان ألأستحمامِ في البيت الصغير وهي تدندن نشيداً كانت قد تعلمته من معلمتها وأشراف أستاذها المدير. في اللحظة التي مست يدها صنبور الماء راح جسدها الصغير يرقص ويرتعش ويرتجف من شيء مجهول. لم تستطع الصراخ أو العويل. تجمد الدم في عروقها وماتت نبضات قلبها وتيبس كل جزءٍ من أجزاء جسدها الصغير. لم تعد تستطيع مشاهدة النور…إسمها نور…وتحول النور الى ظلامٍ وموتٌ ودمار. سقطت على ألأرض بلا حراك بلا أنين بلا صوت . لم تستطع أن تناجي أبيها أو أمها فالصوت في داخلها قد أختفى وصارت كقطعةٍ من خشبٍ على ألأرض بلا روحٍ بلا جروحٍ . طارت روحها ترفرف فوق مدرستها تودعها الوداع ألأخير. ماتت نور في مكان ألأستحمام وصنبور الماء يُطلقُ شراراً ودخاناً وموتاً يمزق بقايا نور- الطفلة البريئة في الخامس ألأبتدائي – فقدت نور كل أملٍ في زيارة المتحف العلمي وحملوها عند الصباح الى حفرةٍ تحت ألأرض لترقد الى ألأبد هناك في عتمة الظلام وحيدة. والدها المسكين يصرخ بأعلى صوتهِ – نور…نور..وأمها تسقط على ألأرض من شدة الصدمة وقلبها يكاد يتوقف على ألحركة.شفتيها تتحركانِ بصوتٍ باهتٍ ضعيف وتهمس لوحدها ولنفسها…..نور….نور. ماتت الضحكة على شفاه صديقاتها الصغار..الجميع لايعرف سبب الموت ولماذا تموت وهي لم تزل طفلة لم تعرف شيئاً من الحياة سوى كلمات حفظتها عن ظهر قلب ترددها كلما دخلت بيتها الصغير…دار..دور..نار…نور…نور..
|