أصبحت التطورات التكنولوجية والعولمة جزءاً مهماً من حياتنا اليومية، بحيث بإمكان الفرد أو المجمتع من خلال كبسة زر يبعث أو يلقي كل ما يدور في ذهنه من الثقافات أو التوجهات السياسية أو الأراء الفكرية لمن يريد، وإظهاره للرأي العام أو بالأحرى للعالم، في حين هذه العملية في الماضي كانت محدودة وتستدعي عدة محطات حتى يصل الى ما يريد توصيله من الأفكار أو النظريات من خلال كتاباته و ما يستدعي اليه لنشره في الصحف اليومية أو المجلات أو المشاركات الإذاعية، وكان لابد ذلك في نطاق محدد، فلابد لأحد اذا أراد ايصال فكرة معينة أو الكتابة عن موضوع ما ، كان يجب عليه التمعن و التدقق فيما يكتبه بحيث يحبكه بطريقة و ملاحظة أسلوب يتوافق مع الوضع الراهن دون التطرف أو الإنحراف في الكتابة أوالتجريح لفرد معين؛ ولا يحمل علامات أو اشارات متنافية؛ لها خلفية سياسية أو توجهات مبهمة من خلف الستار، وأيضاً لابد من مراعاة عدم التماس أو الخدش بنظام الحكم أو السياسة الحاكمة، فالكتابات كانت مقصورة في نطاق معين بحيث يقرأها و يشاهدها ويسمعها فئة محدودة من المجمتع. ولا يخرج عن حدود تلك المنطقة التابعة لحدود تلك الصحيفة أو الجريدة و تحت رقابة مشددة وهذا في حال اذ تم قبول نشره أو تنزيله، والحال أيضاً عند التعبير في الإذاعة والتلفزيون.
أما اليوم فنرى من خلال مواقع التواصل الإجتماعي و تحديداً الفيس بووك أصبح بإمكان الفرد من طفل الى شخص مسن، أن يعبر و يكتب أرائه و تعليقاته من موقعه و من بيته ومن أي زاوية من زوايا بيته، سواء هوعلى طاولة الطعام أو في الحمام او مستلقيا على السرير أو في الطريق أو في مكتب عمله أينما كان! يكتب و يعبر و يهجم و يحاسب و يطعن و ينتقد وكيفما يحلو له ويكتب ما يشاء ويوصل به للعالم اجمعين دون اي رقيب و دون اي تعب و دون اي محاولة للإرضاء في نشره أو رفضه، أوطلب التراخيص والموافقة للنشر.، فقط بكبسة زر ينقل للمجتمع كافة ما يدور بداخله ويريد ايصاله؛ فمن خلال كتابة تعليق على رابط أو الصفحات أو الكروبات في الفيس بوك.
و هنا أود الإشارة الى التعليقات المكتوبة من قبل فئة معينة من الشباب أو المراهقين أو المسنين. كثيراً نجد تعليقاتهم المكتوبة مبني على عدم الدراية الكاملة بالموضوع المعلق عليه، أو عدم قراءة الخبر داخل الصفحة أو الرابط بتمعن، فقط يقوم القاريء بكتابة تعليق ما حسب التعليقات الواردة على الرابط أو الخبر أو العنوان المطروح دون العلم أو الدخول الى الرابط لمعرفة الخبر، فيقوم هو الأخر بكتابة تعليق سلبي أو ايجابي دون أي وعي أو التفكير فيما يكتبه هل يتوافق مع مضمون الرابط؟ لأنه يكتب تعليقاً حسب تعليق مدرج قبله أو حسب العنوان المطروح ،لذلك هناك تعليقات يلاحظ فيه عدة أفكار سلبية منها:
العدوانية في الكتابة و النقد اللاذع ؛ وهي انتهاك حرمات الأخرين بطريقة عنفوانية دون حساب لمشاعر القاريء أو المعني، يستنتج ذلك من خلال التعليقات لأفراد معينة فيستخدم المعلق تعليقه كسلاح أو أداة للتعبير عن ما يشعر به في داخله أو الظروف الصعبة التي يمر به و ذلك يرجع لعدم قدرته لفعل أي شيء فقط يلجأ الى تفرغ غضبه وضعفه و حقده عبر كتابة تعليق جارح و مذموم، والتعليقات يفوح منها رائحة الغضب و عدم الرضى عما يجري من حوله.
الغيرة؛ أحيانا يعود سبب هذه التعليقات الى الحقد من الاشخاص الناجحين و حمل الكراهية مما فيه للأخر وهو لا يملك قوته و مدى ثقافته، فيريد أن يفرض نفسه بطريقة تجريح الأخرين، تجده دائما يشعر بالنقص يشعر بأنه نكره لا أحد يراه ويحاول أن يثبت عكس ذلك بأساليب قذرة جدا، فيقوم بنقد واهانة الناجحين عبر صفحته أو كتابة تعليقاته حتى تراه الناس المعلقين على نفس الرابط الذي هو قام بكتابة التعليق عليه أو أصدقائه المتواجدين في قائمته الشخصية.
هنالك أفراد دون أي وعي ثقافي أو اسلوب ديبلوماسي وبطريقة قاسية يقومون بالإساءة او التقليل من الشأن الآخر في كتابة تعليقاتهم لشخص يعرفونه أو لجهة معينة في خبر مطروح، يقومون بتوجيه كلام جارح على النص المنزل أو الخبر المنشور في الصفحة، وأحياناً أكثرية هذه التعليقات تكون ضمن خبر أو مادة معروضة ينشب من خلاله الإغتياب والشتم للبعض دون أية معرفة مسبقة ببعض فقط من خلال كتابة تعليق على هذا الرابط وهذا التعليق يتنافى مع نظرية أو فكرة معلق آخر مما يؤدي لنشوب الخلاف بين الآراء المعلقيّن وحينها يؤدي الى خلافات ومشاكل مما يؤدي الى الأشتكاء في المحاكم و ينتهي في بعض الأحيان بالسجن والغرامات المالية أو خسران مصدر الرزق وذلك بابعاده من مكان عمله.
انشاء حسابات وهمية و انتحال شخصيات مستهدفة: ومن الظواهر الشائعة لدى شباب اليوم؛ يقوم بإنشاء حساب مزيف لشخص بإسمه ويكون هو على خلاف معه أو في خلافِ بينهما ويقوم بسرقة صورة له ويتحدث وينتحل شخصيته ويتحدث ويكتب باسمه ولكن بصورة هو يريد سوقه وذلك لتقليل من قيمة هذا الشخص أو الأخذ بالثأر منه، فيقوم بكتابة تعليقات أو نشر صور مخلة بالأداب على هذا الحساب المزيف ويقوم بارسال رسائل أو كتابة تعليقات على الصور و المنشورات لأصدقاء الشخص الحقيقي، بحيث التعليقات و الأسلوب منافي تماماً مع أرائه أو نظريته أو أخلاق هذا الشخص المنتحل، فقط للتقليل من كرامته و تنزيل مرتبته بين أصحابه ،فكم من هذه التعليقات كان سبباً في القطيعة و الخلاف بين الأهل و الاصدقاء أو الطلاق بين الأزواج أو انفكاك أسرة كاملة ، في حين هذه الافراد المنحلة يتلذذون و يأخذون بالثأر من خصمهم بهذه الطريقة المنافية للشرع و الأخلاق ولا يدري عن طريق الأستحقاق من الأمر وكشف جريمته يتوجه للمساءلة القانونية ومثوله أمام العدالة.
الاستفزاز عمداً لإثارة الفتنة؛ لإثارة غضب الأخر دون وجه الحق أو سبب مقنع وذلك نلاحظ في التعليقات على مادة معينة، شخصان يقومان بالإستفزاز و الإستهتاركليهما بطريقة، كل حسب تفكيره أو أرائه وغالباً هذا يحدث بين فردين اذا كان كل واحد منهما من طائفتين مختلفتين أو حزبين مختلفتين ولاسيما هذان الحزبان متضادان أو الطائفتان مختلفتان في القيم والدين، فيقوم كليهما بنقد وبتوجيه اتهامات تلو للأخر، فيلاحظ القاريء تعليقاتهم فيه توجهات حزبيه أو دينيه أوعلى أي مدى متأثرين بالشخصية السياسية المنتمي له، ففي كتاباته يلاحظ تأثره بشكل كبير بأفكاره وأحياناًيكونوا هؤلاء المعلقيين مقيدين و مستأجرين من قبل هذه الجهات أو الشخصيات، ولا يدركون بأن تعليقاتهم يؤثر عليهم سلباً في علاقاتهم الشخصية. بحيث أصحابهم أو أهلهم يقوموا بحذف حساباتهم على قائمتهم الشخصية لأنهم يقومون بتوجيه أنتقادات لاذعة أو التفوه بكلمات جارحة فيه أنزعاج للقاريء أو على العكس من كثر المدح والثناء و التعظيم من شأن الشخصية المعينة أو الحزب المعين غير حقيقي ،ينزعج الأخرون فما عليهم الا بحذف حساباتهم؛ أو ببقائهم ولكن يعملون لحساباتهم عدم المتابعة لحساباتهم حتى لا يظهر تعليقاتهم لديهم.
فمن خلال هذه الحقائق يقع المسؤلية على الفرد الذي يقوم بكتابة تعليق ما على الروابط ومع مراعاة ما يريد أيصاله، وايضاً يقع المسؤلية على القاريء وذلك يتوجب عليه الدقة و التمعن حينما يقرأ خبرما وهل فيه مصداقية أو منقول بشكل واقعي،وعندما يقوم بكتابة التعليق عليه سواء بتأيد الفكرة أو ضده، وتقع المسؤلية أيضاً على الصفحة التي تقوم بنشر الخبر، الى أي مدى دقيقة في نقل الخبر بشكل واقعي و عدم نقلها ونشرها بطريقة يؤدي لاستفزاز الرأي العام أو تحريك فئة ضد فئة أخرى، اوبهدف انجذاب المعجبين لصفحتهم والأكثار من متابعيهم، وعلى الدولة أيضا أن يقوم بمراقبة تلك الصحف و أيضا الأفراد الذين يقومون بنشر الأكاذيب أومن يقومون بتوجيه الاتهامات باطلة لظاهرة معينة أو موضوع راهن آنذاك دون أي شعور بالمسؤلية ويجب التحقيق معهم، صحيح وصلنا الى اقصى حدٍ لدرجات الحرية ولكن الحرية لها حدود بحيث لا يكون حريتنا سبباً في ايذاء مشاعرالأخرين، ولا أن نتدخل في شؤون الغير والبعد عن التجريح لشعور والأبتزاز للأخرين.
|