عندما يتحوّل الإنسان إلى طنطل

لا شبيه للطائفي في رداءة عقله ونتانة نفسه وتنازله عن انسانيته غير المؤدلج، كلاهما مغسول دماغه طوعا او قسرا. بعضهم وربما كلهم قد لا تهزه الغيرة لو شتمته لكنك ان انتقدت رمزه الطائفي او الأيديولوجي ينقلب الى طنطل لا يُميز ان كنت تضحك عليه او تخافه. هذا الصنف من المخلوقات تجده يكسر القلب كما العصفور المبلل لو جابهه انسان عاقل. أكثر الناس كسرانا للقلب من يصير يخوط ويخربط لو صدمته بإبرة عاقلة.
من نعم المنافي عليّ انني وعلى مدى أكثر من ربع قرن لم يصادفني انسان واحد ولا انسانة واحدة من البريطانيين من هذا الصنف. مثلما لا يتدخل الأوروبي بينك وبين ربك فانه لا يتدخل بينك وبين الحاكم او السياسي. على العكس من جماعتنا الذين حشروا عقولهم وخلاياهم بكم لا يعد من المقتنيات المقدسة.
الحاكم في أوروبا العقل ليس أكثر من موظف بدرجة عالية مهمته ان يدير شؤون الدولة نيابة عن الناس لينعموا بالراحة والصفاء وليشيل هو عنهم الهم مقابل راتبٍ مجزٍ وامتيازات عالية. همّه الأول ان أرضى عنه انا المواطن الذي ارتضيته حاكما. أما انا فلست مطالبا بغير ان احترم القانون. وهو كحاكم وسياسي عليه رغما عن أنفه ان يفتح صدره لانتقاداتي وشتائمي إن تطلب الإمر. اذهب وانتقد سياسيا بريطانيا من الرأس الى الذيل فإن وجدت بريطانيا يعترض عليك ولو برفة عين عاتبني.
لا يقرفني شيء مثل عراقي أجده بلا وطن او في بلاده بلا امان او عيش رغيد بسبب رعونة من حكموه سابقا او لاحقا، ومع هذا يستل لسانه البذيء ليهاجم مَن ينتقد حاكما من حزبه او طائفته او قوميته.
وان كانت عبادة الحاكم سجية او فطرة عند الكثير من العرب، لكن هذه الفطرة تتحول الى غريزة عدوانية عند أغلب العراقيين. فالمصري مثلا لو انتقدت حاكمه قد يعترض عليك بأدب ويحاورك. اما العراقي فسيناصبك العداء ولا يبالي حتى ان هددك بالقتل أو العذاب المبين.
بلد فيه الحاكم او الرمز الحزبي او الطائفي خط أحمر أشكُّ في خلاصه من البؤس والخراب والظلام.