بالتزامن مع تصاعد أداء القوات العراقية لتحرير الرمادي من قبضة الارهاب، يأتي اعلان مكتب المفتش العام لوزارة المالية عن اصدار محكمة النزاهة، حكماً غيابياً بالحبس الشديد لمدة (سنتين) على مستشار وزيرالمالية السابق ومدير مصرف الرافدين، في قضية عقد تجهيز كاميرات مراقبة باسعارأعلى من أسعار السوق، نتيجة اعتماده اسلوب(العطاء الواحد) بدلاً من اسلوب المناقصات !. هذه (الاسطوانة) المُعادة على أسماع العراقيين منذُ سنوات، تمثل أحد الاسباب الحقيقية لسيطرة داعش على المدن العراقية، فقد تبوء فاسدون مراكزا ًتنفيذية حساسة، استطاعوا من خلالها الاستحواذ على مال عام أداروه لمصالحهم، ثم اعتمدوا توقيتات منسقة مع جهات رقابية وقضائية للهروب من البلاد، لتصدر بحقهم الأحكام غيابياً لاحقاً، وهي سيناريوهات تكررت في جميع الوزارات على مدى الاعوام السابقة، حتى بدت وكأنها تُنفذ بعلم الجميع !. من غيرالمعقول ولا المقبول، أن صفقات كبيرة يستغرق تنفيذها فترات زمنية طويلة، وتحتاج الى قائمة طويلة ومعقدة من الأجراءات والموافقات الروتينية، بحكم الطبيعة البيروقراطية في المؤسسات الحكومية العراقية، ورغم ذلك يتم تمريرها خلافاً للقانون ومن دون أن يتعرض فريق الفساد الذي ينجزها الى اي ملاحقة، الى بعد مغادرته العراق !. لقد ضمت قائمة الفاسدين الذين صدرت بحقهم أحكاماً قضائية غيابية أسماءاً من جميع الكتل النيابية في البرلمان وأطراف الحكومة، وهذا مايفسر بقاء ملفات ملاحقتهم دولياً تراوح مكانها، بحجة عدم وجود اتفاقيات ثنائية بين العراق والبلدان التي يحملون جنسياتها، ولم تسعى الحكومات المتعاقبة الى عقد هذه الاتفاقيات لاستقدامهم بالقانون وتقديمهم الى محاكمات علنية ليكونوا عبرة للآخرين. ان دماء الشهداء الذين استهدفهم الارهابيون بانشطتهم الاجرامية في المدن العراقية، ودماء الشهداء الذين يضحون بانفسهم في ساحات المواجهة الشرسة مع داعش، هي في رقاب مافيات الفساد التي عطلت قوانين وكيفت اخرى لخدمة اغراضها ومصالحها، على حساب مصالح وحقوق الشعب العراقي وسيادة الوطن، وما توالي صدورالاحكام الغيابية ضد بعضهم، الا أحد اساليب التسترعليهم الى حين، قبل أن تتغير الموازين ويأخذ المجرمون جزائهم العادل بالقانون، وفاءاً للشهداء وتكريماً لعوائلهم وضماناً لمستقبل مشرق لاجيال العراقيين القادمة.
|