حملة تسقيط يقودها صاحب بيت من زجاج!

كلنا يتذكر تلك الأيام السوداء, أبان حكم شيطان البعث المقبور, وماعانيناه من ظلم وتجبر, وقتل لألاف الشباب, وعشرات العلماء, طالهم ظلم النظام, وغيرهم العشرات تشردوا, لمحاربة النظام وتعريته, أو طلبا للنجاة بأرواحهم وعوائلهم.

كانت أخبار المعارضة, تصلنا عن طريق بعض الإذاعات الإسلامية غالبا, بحكم إسلامية اغلب تلك المعارضة, وإذاعات عالمية بين حين وأخر, كانت تركز على نشر أخبار الكرد وتحركاتهم, وبعض المستقلين.

لم تخلوا المعارضة الإسلامية, من خلافات وخصومات, تتعلق بمرجعيتة تلك الأحزاب, أو طريقتها في التعاطي مع الجهاد ضد النظام, بغرض إسقاطه, وأحيانا طلبا للمغانم والمكاسب, وكانت تلك الخلافات, تصل حد الانشقاقات والتشرذم, لبعض التشكيلات.

كان خلاف أجنحة حزب الدعوة, فيما بينها, وخلاف جناحها الرئيسي, مع المجلس الأعلى الإسلامي, هو الطاغي على ساحة المعارضة, لما امتلكه حزب الدعوة من صيت وسمعة, بحكم إعدام النظام لعشرات العراقيين بحجة الإنتماء لحزب الدعوة, وإعدام العشرات من أسرة أل الحكيم, وسجن الباقين منهم, والتحرك الدولي, والعلاقات المهمة, التي إمتلكها الشهيدان, السيدان مهدي ومحمد باقر الحكيم, نجلا مرجع الشيعة العظيم السيد محسن الحكيم.. وما سبباه من أذى, وحرج وضغط دولي على النظام, وفضح كل جرائمه, يضاف لها عمليات كانت تستهدف النظام, بشكل سبب له الأذى.

لم يتوقف هذا التنافس, بعد سقوط نظام البعث, وتشارك الأحزاب الشيعية للسلطة, إلا أنه اتخذ منحا أخر, خصوصا بعد إبتعاد الكثير من الدعاة المؤسسين, وبروز شخصيات كانت ثانوية, وأخرى لا علاقة لها بالحزب أصلا, أو ممن يمتلكون صلة قربى, أو علاقة مصالح, بأحد قيادات الحزب الجديدة, وتوليها لمناصب مهمة في الحزب.. وتحول التنافس, إلى عمليات تسقيط قبيح, تجاوز حدود التنافس السياسي.

إنتقلت عملية التسقيط, إلى مرحلة جديدة, بعد فشل السيد المالكي, في الحصول على ولاية ثالثة, وتشكيل حكومة برئاسة السيد العبادي, كان عراب تشكيلها المجلس الأعلى وحلفائه.. وصلت حد الحرب الشاملة, بألة إعلامية ضخمة, وبكوادر متمرسة, مولت معظمها من المال العام, ولم تكتفي تلك الحملة, بوزراء المجلس أو تنفيذيه, بل وطالت السيد العبادي, وهو من قلب حزب الدعوة, وكان إلى زمن قريب, من مقربي السيد المالكي, لكن ونكاية بالخصم القديم, طاله التشهير والهجوم المقذع.. بل وطالت حتى المرجعية, التي طالبت حزب الدعوة وبشكل صريح, أن يغير مرشحه لرئاسة الوزراء.

تلك الحملة وكما يبدوا, ليس مخططا لها أن تتوقف قريبا, رغم أنها أضرت بالشارع الشيعي, وقوة مفاوضيه مع بقية الشركاء, دون أن يفهم من ينفذها ويديرها, أن الضرر سيطالهم قبل غيرهم.

رغم أن الأحزاب كلها, إرتكبت كثيرا من الأخطاء, إلا أن حزب الدعوة, وخصوصا جناح السيد المالكي, هو صاحب الموقف الأكثر هشاشة, بما يخص ملفات الفساد والأخطاء, فهو تولى السلطة لثمان سنوات, وفي فورة أسعار النفط.

قيل قديما, أن من بيته من زجاج لا يجب أن يرمي الناس بالحجارة.. لكن الحجارة هذه المرة. طال ضررها الشعب كله, وليس صاحب البيت الزجاجي.