نقل حي لما جرى في العراق وبغداد يوم 11/4/ 2003 واليوم التالي |
أصبح مؤكدا أستسلام محافظة نينوى في هذا اليوم بدون قتال مع حدوث عمليات نهب وسلب وتصفية حسابات وقتل، كذلك ضربت الفوضى مدينة كركوك، وما زال موقف الأنبار غير معروفا، ولكن قيل أن صدام حسين كان في مضيف آل خربيط وخرج منه ومعه عدي وقصي فتعرض المضيف بعد خروجه الى غارة جوية أمريكية قتل على أثرها اللواء روكان عبد الغفور وعدد من افراد آل خربيط، وقيل أن عدي وقصي توجها نحوسوريا ولوجود قوات أمريكية قد أنزلت سابقا في حديثة عادا أدراجهما، وأختفى صدام الذي قيل أن الطائرات الأمريكية طاردته وقتلت بعض حراسه في منطقة الطارمية بعدها لم يظهر لحين ألقاء القبض عليه . في هذا اليوم هرب الكثير من أعضاء منظمة مجاهدي خلق من مقراتهم مقابل فندق الشيراتون، ونهبت محتويات هذه المقرات، علما أن اليوم السابق شهد قتالا بين أعضاء من المنظمة والمقاتلين الأكراد في منطقة خانقين حيث كانت خلق تشن هجماتها من هناك ضد أيران ، أما تكريت فأن القوات الأمريكية قد دخلتها يوم 13/ نيسان وهناك من يقول يوم /14، في حين أن محافظة الأنبار لم تستسلم الا يوم 31/4 بعد مفاوضات بين شخص قيل أن أسمه اللواء احمد ثميل وجنرال أمريكي . قررت الذهاب الى الناصرية بعد أن نقلت لنا الانباء خطة عقد مؤتمر لأقطاب المعارضة هناك، فطلبت من ولدي علي أن يتصل بالشاب حسين ناظم درجال ( أبن أخ اللاعب عدنان درجال ) ويرى امكانية أن يأتي معنا لأيصالي الى ساحة النهضة كي أتوجه الى الناصرية وعندما وصلنا الى الساحة وجدتها خالية من السيارات تماما، فقال لي بعض الأشخاص كانوا يمرون بالقرب منا، لا توجد سيارات لأن جسر ديالى قد دمر لا تعبره السيارات وتستطيع الذهاب الى هناك وتعبر ماشيا وستجد سيارات الناصرية في الجانب الثاني من الجسر، وعملت بنصيحتهم وعندما وصلنا الكلية العسكرية وجدنا الطريق مقطوع تماما من سيارات الحمل المكدسة، حيث ينقل السراق كل شيء من كلية الاركان ومستشفى القوة الجوية والكلية العسكرية فقررت العودة الى البيت والمحاولة ثانية غدا مع ( قيادة فرقة المارينز الأولى)، التي اتخذت من فندق المرديان مقرا لها ( كان الامريكان يحترمون الهيبة العراقية في البداية وعندما شاهدوا عمليات النهب والسلب انعدم هذا الاحترام ) . ذهبت في صباح اليوم التالي 12/4 باكرا الى المركز الاعلامي فوجدت الامريكان قد حصنوا الموقع بالأسلاك الشائكة والحراسات وفتحوا فقط بوابة موقف السيارات المقابلة لفندق الشيراتون المهجور تماما . وقفت عند البوابة محاولا أقناع الجنود الحرس السماح بالدخول للمركز لغرض لقاء قادتهم ( قلت لهم أن لدي أفكار للخروج من هذه الفوضى )، كان يقف الى جانبي الأيسر شخص لا أعرفه فسألني ماذا تريد منهم ؟؟؟؟ قلت له : أن ما يجري في بغداد كارثة مغايرة لما كنا نسمع من القوات الحليفة قبل الحرب وأحاول لقاء قادة الفرقة للأستفسار منهم عن ذلك وأن أعرض عليهم الموافقة على تشكيل لجنة مدنية لأدارة مدينة بغداد، فقال لي : وانا جأت للغرض نفسه ونستطيع أن نعمل سويا . وأستطرد أنا كنت في الخارج وحضرت مؤتمرات المعارضة ولي علاقة بقادتها وأنني مرسل من قبلهم، ( تبين لاحقا أن الشخص أسمه محمد محسن الزبيدي الملقب بأبو حيدر الكرادي )، والذي أعلن نفسه محافظا لبغداد في وقت لاحق ( بدفع من أحد الأشخاص الذين قدموا مع القوات الامريكية وأدعى أنه برتبة لواء بالرغم من أعتراضي على ذلك ) واستطعنا اقناع الضابط الصغير الذي كان يشرف على البوابة بالاتصال بالقيادة داخل الفندق وأخبارهم برغبتنا بلقائهم، وفي حوالي الساعة التاسعة صباحا خرج علينا ضابط كبير قيل لنا أنه ( جنرال أسمه زاركوني ) وقرأت هذا الأسم على صدره ( قال لي الكولونيل كنك وهو أحد الأشخاص المهمين في القيادة العسكرية الأمريكية أن زاركوني كان الضابط الاداري لفرقة المارينز الأولى ولم يكن برتبة جنرال) بل هو برتبة لليفتينانت كولونيل، لم تكن لهجتي باللغة الانكليزية بالشكل الذي كنت أتمناه في تلك اللحظات فاستعنا بشخص كان يسمع الحوار وقال أنا مترجم( أسمه جمال أشتكى جيران له من تصرفاته فذهبت وشخص آخر الى منطقة سكنه فاكد جيرانه ذلك حيث عثرت على من اعرفه بينهم بالصدفة فطلبنا منه عدم الأستمرار معنا ) وقال : استطيع أن اساعدكم، قال الجنرال زاركوني نحن على أستعداد للأجتماع بكم الساعة الحادية عشرة وسأنتظركم هنا، كان عدد من الشباب الفرح والمندفع أخذوا يتجمعون عند بوابة الفندق وفيهم من سبقنا الى هناك ولاحظت انهم من سكنة المنطقة وبينهم عدد كبير من منسوبي وزارة الداخلية ضباط ومفوضيين وشرطة ، وكان من بينهم العقيد مدير مركز شرطة الكرادة وآخرون وأعلى رتبة كانت بينهم هي عميد . عندما عاد الجنرال أدراجه قال لي الزبيدي: ماذا نفعل وما هو أقرب مكان نستطيع التجمع فيه مع هؤلاء المواطنين؟؟ يقصد الشباب الذين تجمهروا قرب الفندق، فاتفقنا على نادي العلوية، عندما شاهد المواطنين ما دار بيننا وبين الضابط الامريكي وثقوا بنا وعندما طلبنا منهم اللحاق بنا تبعونا الى نادي العلوية، الذي كان خاليا من أي مسؤول ماعدا حارس واحد ففتح لنا الأدارة في الطابق العلوي،( وبالرغم من أن بعض أعضاء الهيئة الأدارية أعترضوا على ذلك لاحقا ولكن وجودنا فيه منع الحواسم من الاقتراب منه ) حيث ان نادي النفط الذي كان على مقربه منا تعرض للنهب . أمتلأت الأدارة بالناس والذي كان ينتظر خارجها أكثر وبأزدياد، سادت الفوضى القاعة وتجمعوا حولنا فوجدت كل ما يطرح من أفكار لاترقى الى مستوى الحدث، فأنسحبت من بينهم وطلبت من حارس النادي أن يعطيني بعض الأوراق وقلم ومسطرة ففعل وكان هذا الشاب متحمس حاله مثل بقية الشباب، وندهت على شخص واقف وسألته عن كنيته فقال : ابو عبد الله فقلت له تعال معي وافعل ما أفعل، فقمت بتخطيط الأوراق حسب الاسماء، والوزارة والاختصاص، والدرجة الوظيفية، وأخذ يخطط كما خططت وأصبح لدينا كمية من الورق المخطط لابأس بها ( أحتفظ بها والأسماء التي كتبناها حتى الآن ) والزبيدي غارق في دوامة لا نهاية لها وبعد أن أعيته الحيلة أخذ ينظر من بين الحشد المتكدس حوله وعندما بصر بي جائني مسرعا وقال : لماذا تركتني ؟ ؟ قلت له لم أتركك هل وصلت الى نتيجة؟؟ قال: كلا، قلت له أنا سأطبق فكرتي لنذهب الى قاعة النادي الكبيرة فنزلنا وخلفنا من في الأدارة وتبعنا العدد الكبير من المواطنين الذي كان ينتظر في الخارج . أمتلات القاعة الكبرى في النادي وطلبنا من الحضور تسجيل اسمائهم حسب الوزارات التي ينتمون اليها، وأعادتها بسرعة قبل موعد الاجتماع مع (زاركوني ) وبهمة عالية نفذ المجتمعون ما طلبنا وأصبح ما لدي حوالي خمسين قائمة نصفها من الشرطة، وذهبنا الى الفندق فجاءنا الليفتينانت كولونيل زركوني وأصطحبنا معه الى الداخل وكان عدد كبير من الجنود قد انتشروا فيه . وجلسنا في أحدى القاعات الكبيرة في الفندق وبدأ الكولونيل حديثه عن الافكار التي لدينا عن تشكيل لجنة تطوعية مدنية لأدارة مدينة بغداد، لحين تشكيل الحكومة، على أن ينصب عملها على تقديم الخدمات للمواطنين، وأمكانية الحد من الظواهر السلبية في بغداد، وتساءلت عن عدم أعلان منع التجول في بغداد وعموم العراق لأيقاف الأنفلات الأمني وما تتعرض له مقومات بناء الدولة . فأجاب زاركوني نحن جيش وليس شرطة، فقلت له: يوجد معنا متطوعين من الشرطة يمكن الأستعانة بهم وهم على استعداد للقيام بذلك . أجاب سأرد على هذا المقترح بعد قليل ثم ذهب وجاء ضابط غيره وتناوب على الحضور عدد من العسكريين كلا على حدة فعرفت انهم ينتمون الى تشكيلات مختلفة بين أستخبارات ومهنيين وغيرهم وأستغرق ذلك وقتا طويلا وتجاوزت الساعة السادسة عصرا اي مضى على اجتماعنا أكثر من سبع ساعات، وأخر من أجتمع بنا هو زاركوني الذي وجه لنا سؤالا : من يقول أنكم مقبولين من الشعب ؟؟؟ فقلت له أن القوائم التي معي تضم أسماء كل الحضور حول الفندق وهذا دليل على قبولهم لعملنا . فطلب مني أسماء الشرطة فقط فسلمتها اليه وكانت بحدود خمسة وعشرين قائمة، فسجل على كل قائمة كلمة (سيكيورتي ) يقصد الأمن ووقع على الورقة الأخيرة، وتم الأتفاق على أن تعطى الأولوية في عملنا لمجالات الماء والكهرباء والصحة وأمانة بغداد والجوانب الخدمية الأخرى . لاحظت وجود ثلاثة ضباط جالسين على بعد أمتار منا فقال الكولونيل هل يوجد مانع من أنضمام هؤلاء الضباط أليكم ؟؟؟ فقلنا لايوجد أي مانع فنادهم وجلسنا سوية، فقال زاركوني أريد اسماء مائة ضابط خمسين من الكرخ وخمسين من الرصافة كي يبدا الشرطة عملهم غدا، فطلبنا منه ان تؤمن القوات الامريكية الحماية المعنوية لنا . أجاب : نعم . حضرت الأسماء من تلك التي كانت معي عند عودتي للبيت في وقت متأخر، وهكذا تطور عمل اللجنة التي سميناها ( المجلس التنفيذي لأدارة مدينة بغداد ) ليتوسع عملها الى تشغيل أذاعة، ودرأ فيضان كان يهدد بغداد الحبيبة، ومواجهة أحتمالات حدوث تلوث نووي وجرثومي، والحيلولة دون أنقطاع الماء، مع زيارات لمحطات الماء والكهرباء والمستشفيات ومقرات الأحزاب الكردية ( ألتقينا بالاستاذ عارف طيفور ) وكذلك مقر الحزب الشيوعي كما أرسلت رسائل ألى المرجع الأعلى آية الله السيد السيستاني وسماحة السيد الفقيه أسماعيل الصدر ( أكد لي لاحقا أستلامه للرسالة ) وكذلك رسالة الى سماحة السيد مقتدى الصدر ، وأتصل باللجنة عدد من القادة السياسيين الذين أصبحوا اعضاء في مجلس الحكم بعد حين، وحضر الى اللجنة شخصيات أدارية مهمة من بينها المستشار ضياء الخيون والأستاذ ثامر الغضبان الذي أكن له كبير الاحترام لدوره تزويد محطات المياه بالكاز وعدم توقف ضخ الماء في بغداد، وكذلك الدكتور الجليل حامد الباهلي من مفاعل تموز النووي لتفانيه وأخلاصه في دفع الأذى عن البغدادين وهناك أسرار كثيرة ستكون بين يدي القارئ الكريم في الوقت المناسب وكل هذا يعكس قدرة العراقيين على أدارة أنفسهم بأنفسهم أذا ما تهيأت لهم الفرصة المناسبة على عكس ما صورهم الاعلام المضاد على أنهم ( علي بابا ) . |