التراخيص النفطية—قيود جديدة على الاقتصاد العراقي.. ملاحظات على عقد الرميلة (الجزء الثاني) بقلم الاستاذ الدكتور نبيل جعفر عبد الرضا |
العراق تايمز: كتب الاستاذ الدكتور نبيل جعفر عبد الرضا المادة 3 الفقرة 2 المادة 4 الفقرة 2 المادة 7 الفقرة 5 الفقرة 5 المادة 12 المادة 19 الفقرة 2 المادة 26 الفقرة 1 المادة 27 الفقرة الاولى المادة 37 – الفقرتين 4 و 5 التحكيم يتضح من الفقرات والمواد التي تضمنها عقد الرميلة انه ليس بعقد خدمة اذ ان عقد الخدمة لا يستمر لمدة طويلة، وهو في الغالب لا يزيد كحد اعلى عن عشر سنوات فيما يشير عقد الرميلة بفقراته ومواده الى انه عقد مشاركة او عقد تقاسم الانتاج. وهو ذات العقد الذي وقعته حكومة كردستان باستثناء العائد الذي تحصل عليه الشركات الاجنبية والمحدد بدولارين في عقد الرميلة مقابل كل برميل نفط خام منتج فوق خط الشروع في حين تحصل الشركات الاجنبية في كردستان على معدل يتراوح بين 15 – 30 % من نفط الربح، ومن ثم تكون الخسارة اكبر في عقود كردستان منها في عقود التراخيص. 1- كلا العقدان يقيدان تصرفات الحكومة بشكل كبير. واليوم في ظل عقود التراخيص وعقود المشاركة في كردستان يُصدر العراق نحو ثلاثة ملايين برميل يوميا من الجنوب ونصف مليون برميل يوميا من كردستان، وهو من اعلى معدلات تصدير النفط في تاريخ العراق ومع ذلك يعيش العراق في مأزق مالي كبير ووضع اقتصادي متردي بحيث يُعَدُّ العراق اليوم من الاقتصادات المعرضة للإفلاس، فاقتطعت الحكومة من لقمة معيشة المواطنين من خلال تخفيض رواتبهم فيما لم يستطع اقليم كردستان تسديد رواتب الموظفين فيه مما يشير الى الخلل الكبير في السياسة النفطية للمركز والاقليم من حيث اعتمادها على نوعية من العقود تحقق موارد مالية هائلة للشركات الاجنبية على حساب افراغ الخزينة العامة للدولة في خرق واضح للفقرة 11 من الدستور العراقي التي تشير الى ان النفط والغاز هو ملك للشعب العراقي في كل الاقاليم والمحافظات. المخالفات الدستورية والقانونية 1- إن هذه التراخيص تمت من دون غطاء قانوني. فلا وجود لقانون النفط والغاز. وأن قانون الاستثمار رقم 13 لسنة ٢٠٠٦ في المادة (٢٣) يمنع الاستثمار الأجنبي في قطاع النفط والغاز. كما انها لم تعرض على مجلس النواب العراقي. تكاليف الشركات الاجنبية في جولات التراخيص إن الحديث عن مستقبل تطور القطاع النفطي في العراق يعني بالضرورة توجيه الانظار نحو جولات التراخيص النفطية والغازية التي شكلت خيبة أمل بسبب تكاليف عملياتها الانتاجية الباهظة الثمن، حيث تحاول الشركات العاملة في جولات التراخيص استخدام الكثير من الاموال لتنفيذ التزاماتها في تحقيق الانتاج المستهدف لكون المبالغ المصروفة تعاد اليها بموجب استرداد الكلف باعتبارها تكاليف بترولية وتكاليف تكميلية سيدفعها العراق الى هذه الشركات. – نفقات رأسمالية. لقد لوحظ من خلال المتابعة وتدقيق معظم المناقصات التي يتم إعدادها من قبل الشركات النفطية الاجنبية وجود محاولات لتضخيم الكلف النفطية ويعزى السبب الى وجود ثغرات يمكن تلخيصها بما يلي: (تقرير الشفافية السادس، 2012: 55 – 57). 1 – إن صلاحية الشراء المخولة للشركات الاجنبية هي لغاية (100) مليون دولار إلا أن بعض الشركات تقوم بتجزئة بعض المناقصات المتشابهة ليكون مبلغ الإحالة ضمن صلاحية الشركة. كما تسعى الشركات الاجنبية العاملة في الحقول النفطية الى تضخيم التكاليف البترولية. يلاحظ المغالاة في منح رواتب الخبراء والمهندسين والكوادر الفنية والمنتسبين مع الشركة الاجنبية والتي بلغت ما يقارب (226.7) مليون دولار عام 2014 في احدى حقول النفط المنتجة في محافظة البصرة وتمتعهم بالمكافأة التي بلغت (1.338) مليون دولار، وأجور أخرى لعام واحد فقط التي تتحملها الحكومة العراقية. فضلاً عن استفادة كبار الموظفين من خلال تمتعهم بالإيفادات والدورات التطويرية التي تقيمها الشركات الاجنبية خارج العراق إذ بلغت تكاليف سفر الملاكات الفنية التابعة لإحدى الشركات الاجنبية ما يقارب (32.990) مليون دولار. وكذلك استعانت الشركات الاجنبية بشركات الامن الخاصة لحماية كوادرها ومصالحها بتكاليف باهظة جداً وصلت أكثر من (108.412) مليون دولار منها 61,4 مليون دولار تكلفة الامن (الحمايات) و 47,086 مليون دولار تكلفة حماية الجهات الخارجية، اي تكلفة امن موظفي الشركة الاجنبية اثناء وجودهم خارج العراق. كما بلغت تكاليف المطاعم لعام 2014 فقط (65.894) مليون دولار، وتكاليف أجهزة الكمبيوتر (12.410) مليون دولار، وتكاليف الاثاث والمستلزمات المكتبية (11.322) مليون دولار، وغيرها من التكاليف المبالغ فيها التي يجب أن تدفعها الحكومة العراقية. أما المجموع الكلي لمستحقات احدى الشركات العاملة ضمن جولات التراخيص لعام 2014 فقد بلغت أكثر من (2.5) مليار دولار وهذه مبالغ طائلة وغير مقبولة لكنها تعد مستحقات للشركة المقاولة يجب أن تدفعها الحكومة العراقية. ادت التكاليف المبالغ بها التي تنفقها او تضخمها الشركات النفطية الاجنبية الى ارتفاع كبير في تكلفة استخراج النفط الخام أعلى مما كانت عليه في السنوات السابقة. ان كلف الانتاج ومستحقات الشركات وعوائد الحكومة تم تقديمها عبر بعض الارقام التي طرحتها دراسة السيد عبد المهدي العميدي، مدير عام العقود والتراخيص، تحت عنوان “الحسابات المالية للشركات للفترة 2011-2015″، والتي فيها إدراج معظم المعلومات المطلوبة. ان الارقام دقيقة بنسبة 98% بسبب شطب بعض الارقام الهامشية، وكذلك بسبب اختلاف بعض الحسابات الجزئية. ومع تحفظاتنا على الارقام الواردة فيها والتي تبتعد كثيرا عن المعلومات والبيانات المتوافرة لدينا من مصادرها الاصلية الا اننا لأغراض توضيح الثغرات الموجودة في عقود التراخيص سنعتمد على هذه البيانات الرسمية وهي على النحو الآتي: 1- الانتاج الكلي من الحقول= 4,669,898,152 مليار برميل. يتضح من هذه الارقام ان كلفة استخراج البرميل الواحد في العراق في ظل جولات التراخيص قد بلغت نحو 20,5 دولارا للبرميل الواحد (من خلال قسمة الكلف وارباح الشركات على الزيادة في الانتاج) وسترتفع هذه الكلفة على نحو كبير عندما تضاف اليها كلف النقل والتصدير ومد الانابيب وغيرها مما سيرفع الكلفة الاجمالية للبرميل الواحد في العراق. ان كلفة الاستخراج المقدرة بـ 20,5 دولارا هو اعلى بكثير من الرقم الذي ذكره السيد عادل عبد المهدي وزير النفط في محاضرته في كلية الدفاع للعلوم العسكرية منتصف الشهر الحالي اذ حدد كلفة استخراج برميل النفط العراقي الواحد بين 5 – 10 دولارات. كما يتضح من الارقام الرسمية لوزارة النفط ان معدل الارباح للشركات النفطية الاجنبية كان اقل من 5%، وهو معدل نعترف جميعا بأنه متواضع جدا لكنه غير منطقي وغير مقبول من الشركات الاجنبية المستثمرة في قطاع النفط لان معدل سعر الخصم لوحده في الصناعة النفطية هو 12% فكيف تقبل هذه الشركات المتعددة الجنسية بهذا الهامش البسيط من الارباح؟ الاجابة ببساطة هي ان الشركات النفطية تقبل بهذا المستوى المتدني من الارباح لأنها تعوضه من خلال تضخيم تكاليفها. فضلا عن ان هيمنة الشركات الاجنبية على النفط العراقي وتحكمها بأحد اهم السلع الاستراتيجية في العالم. الملاحظ على موازنة 2016 انها خصصت 13 ترليون دينار أي نحو 12 مليار دولار كنفقات استثمارية و 3,67 ترليون دينار للنفقات التشغيلية أي انها خصصت اكثر 16,67 ترليون دينار لوزارة النفط على الرغم من ان الوزارة قد سلمت معظم الحقول النفطية العراقية الى الشركات الاجنبية ولم يتبق سوى اربع حقول صغيرة في البصرة لا يزيد انتاجها مجتمعة عن 120 الف برميل يوميا وهي حقول الطوبة وارطاوي ونهر عمر واللحيس فضلا عن حقول كركوك المتوقفة عن الانتاج حاليا. الامر الذي يؤشر حالة من الفوضى المالية والادارية والازدواجية في الانفاق في قطاع النفط العراقي. ويبدو ان جزءا كبيرا من الاموال المخصصة لوزارة النفط ستخصص لتطوير البنية التحتية وبناء وتطوير مجمعات الخزن ومد الانابيب والارصفة لتطوير القدرة التصديرية للنفط العراق وعليها إكمال شبكات توصيل النفط إلى الموانئ العراقية في البصرة، وإكمال الموانئ الجديدة وتأهيل الموانئ القديمة. جولات التراخيص والقرار العراقي المستقل في ظل الانخفاض الكبير والمتواصل منذ اكثر من سنة لاسعار النفط في السوق العالمية ووجود خلل واضح في اساسيات العرض والطلب والمتمثل بالنمو الاقتصادي المتواضع في دول الاتحاد الاوربي وتراجع معدلات النمو في الصين مقابل وجود تخمة واضحة من المعروض النفطي مرشحة للتزايد في ضوء الارتفاع الكبير في انتاج الولايات المتحدة من النفط الصخري الذي تجاوز بمفرده نحو 5 مليون برميل يوميا وهو ما رفع انتاجها الى نحو 10 مليون برميل فضلا عن زيادة انتاج النفط في روسيا وكندا والبرازيل والسعودية والعراق مع تخلي الولايات المتحدة عن القانون الخاص بمنع تصدير النفط الذي اصدرته في بداية عقد السبعينات من القرن الماضي. ودخول ايران القوي الى سوق النفط بعد رفع العقوبات عنها بداية العام القادم. كل هذه التطورات والمؤشرات تؤكد حالة التشاؤم التي ستسود اسعار النفط خلال السنتين القادمتين على اقل تقدير وهو ما سيؤدي بأسعار النفط ربما الى ملامسة مستوى الثلاثين دولارا للبرميل. في ظل هذه الاوضاع لن يستطيع العراق تكييف انتاجه لينسجم مع مستجدات السوق العالمية ولن يستطيع العراق العمل مع منظمة اوبك لتحديد سقف جديد لإنتاجها لان العراق ملزم بتسديد كل التكاليف وعائد البرميل المتفق عليه مع الشركات الاجنبية ومن ثم اصبح العراق غير قادر من الناحية العملية على التحكم بإنتاجه بالاتجاه الذي يعظم موارده. ولذلك يسعى العراق الى تعظيم موارده من خلال زيادة انتاجه غير ان زيادة الانتاج ومن ثم الصادرات يؤدي حاليا الى زيادة المعروض النفطي ومن ثم دفع الاسعار نحو الانخفاض وبدلا من تعظيم الموارد المالية تتجه العائدات النفطية نحو الانخفاض. اي ان العراق، ومعه كل الدول المنتجة للنفط، تستنزف المزيد من ثروتها النفطية ولا تحصل في المقابل على زيادة في عوائدها المالية. ولذلك تغدو الحاجة ماسة الى ضرورة تدخل الاوبك من خلال تحجيم معروضها النفطي وايجاد آلية جديدة لتوزيع حصص الانتاج بين دولها، وفي هذه الجزئية بالذات لن يستطيع العراق الآن او مستقبلا ان يلتزم بحصة معينة لإنتاجه بل العكس هو الصحيح اذ سيرفع العراق انتاجه بمعدلات مرتفعة ربما ستقفز بالإنتاج الى 6 مليون برميل يوميا خلال السنوات الثلاث المقبلة وهو ما سيؤدي الى المحافظة على مستويات متدنية من اسعار النفط وموت الاوبك في ظل حرب الاسعار والاسواق المستعرة حاليا بين دول اوبك وبينها وبين الدول الاخرى. |