مخطط الطائفية الهجينة

 

اود الخوض في اشكالية لابد منها واصبحت ظاهرة مستشرية في المجتمع العراقي وعلى امتداد طويل وبعنوان مؤسف جدا وهو الطائفية،

 

رغم الكوارث التي نزلت على العراق، والقتل على الهوية المذهبية والتطهير الطائفي في بعض المناطق من بغداد بعد سقوط حكم البعث عام 2003، فمازال هناك من ينكر وجود الطائفية أو الصراع الطائفي في العراق وفي جميع مراحل تاريخه ، على الرغم من وجود الطائفية بصورة فعلية حادة جدا حتى لعبت دوراً رئيسياً في عدم استقرار العراق ، كونها السبب الأسمى في خلق الصراعات ومنها تناسلت وتفرعت الأزمات الأخرى. كما وأؤكد هنا، أن الطائفية ليست وليدة اللحظة الراهنة أو الغزو الأمريكي كما يتصور البعض، بل هي من نتاج التاريخ والجغرافية، ضاربة جذورها في عمق التاريخ العراقي. فقد أدت التفرقة الطائفية، والعرقية إلى حرمان نحو 80% من مكونات الشعب العراقي من حقوق المواطنة الحقيقية، وتعريضهم للظلم، والقهر، والاستلاب، والحرمان والعزل، والاغتراب واستحواذ مكونة واحدة من الشعب على السلطة والثروة والنفوذ، منذ تأسيس الدولة العراقية عام 1921 وإلى وقتنا الحالي ، فالتمييز الطائفي والعرقي، كان لغماً خطيراً وُضِع مع حجر الأساس في بناء الدولة العراقية الحديثة عام 1921، حيث أصر المؤسسون العراقيون، وبدعم وتخطيط من بريطانيا والاستمرار على سياسة الإمبراطورية العثمانية في التفرقة الطائفية والعرقية خلال أربعة قرون من حكمها الجائر للعراق ضد مكونات الشعب العراقي، واستئثار مكونة واحدة بالسلطة والقوات العسكرية المسلحة بهيئة ضباطها وبالنفوذ والامتيازات. ولتنفيذ هذه السياسة والحفاظ على سلطتها، لا بد وأن تلجأ الفئة الحاكمة المتمذهبة إلى ممارسة الظلم والإكراه لإخضاع المكونات الأخرى لإرادتها بالقوة الغاشمة. وكما تقول الحكمة: “الظلم لو دام دمَّر، يحرق اليابس والأخضر”. لذلك أعتقد أن جميع المشاكل الأخرى التي عانى منها الشعب العراقي هي ناجمة عن هذا السبب، ألا وهو التمييز الطائفي والعرقي، والذي أدى بالتالي إلى انهيار الدولة العراقية عام 2003 والوصول الى تلك النتائج التي نشهدها حاليا

 

فهذه الاشكالايات ليست وليدة اليوم بل هي موكولة بالتحولات السياسية وهذا ما اورده المفكر الكبير علي الوردة عندما قدم أفكاره بشأن وعاظ السلاطين والهيمنة الفكرية العقيدية المفتعلة اضافة الى مادعا الي السيد جمال الدين الافغاني ومن بعده محمد عبدة في كتبهم كي يسدوا الثغرة في المجتمع الاسلامي حتى لايتوغل السفهاء ويحدثوا مايحدثوا بالاسلام لشد الفقراء وجعلهم كوعاء لصب افكارهم المتطرفة

 

كما طرح المفكر حنا بطاطو اشكالية واضحة في ان الطبقات رغم انها مقبولة الا انها بعيدة عن العصر ما يدفع بالاجيال الشابة الى الانتظام بحركات ثورية ( سياسية او دينية ) لتفكيك هذه الطبقات وبعد ان يتم ذلك فانهم يبدأون بالشعور بالذنب لفقدهم جذورهم التقليدية ما يجدد حضور الطبقات التقليدية المتعارف عليها مسبقا في المجتمع ، حيث ان ما تعرض له المجتمع العراقي من قلق وعنف وآلام هو ناتج لمخاضات غير مثمرة وتراكم سلبياتها لذا يتوجب اعادة بناء الطبقة الاجتماعية بشكل عادل وفق معايير الكفاءة وان يوكل اليها اعادة هيكلة المجتمع المدني وحقوق الانسان عندها يكون مثل هذا المجتمع مؤهلاً لدعم دولة المؤسسات الضامنة للعدالة الاجتماعية

 

لقد اساءت قطاعات من الشعب في العراق قراءة المشروع الاميركي فنسجت على منواله وبذلك توقفت جهود هذه المكونات عند ردود الافعال وان اخذت تدرك ضرورة التشكل المجتمعي المتماسك بعد ان دفع المجتمع العراقي ثمنا فادحا من امنه وخدماته وبناه التحتية بفعل عوامل الارهاب والتخريب والتطرف والطائفية ، والذي تمثل في تهجير العديد من ابنائه واغتيال كفاءاته الى غيرها من الافعال الغريبة على السلوك العراقي والذي طبع على مر تاريخه الاجتماعي بالغيرة والتسامح والتعايش السلمي ، فالعراق اصبح على واقع شديد اللهجة وهو يركع بين من هم يركنون بين قدوتين ولايعرفون من هذين القدوتين سوى انهم رموز اسلامية غاضين الطرف عن الخلق والمنهج الإصلاحي والانسانية عندهم بل يجعلوا بين القدوتين نزاع وعداوة وكأن الرسول جاء للقضاء على الحسين او ان الحسين قام ليقمع دولة الرسول لذلك تشابك الامر على اغلب افراد المجتمع العراقي كون الاغلبية تعاني من مرض الجهل واللامبالاة وصار الأمر  كمتاهة ملتوية لانهاية لها بسبب جمود العقلية المجتمعية في العراق والتحيز الى المذهبية المفرقة بين مكونات الشعب العراقي واردته هذه الافعال النكراء الى قعر الصراع والتمايز حتى من حيث الموقع الجغرافية كتكهن مستقبلي للتقسيم المرسوم مسبقا بأيد الدول الغربية والتي لا يهمها الاقتتال بقدر مايهمها تفرقة المسلمين واضعافهم والاستحواذ على خيراتهم وجعلهم كأدوات للصراع الحالي والمستقبلي بين الدول العظمى كأمريكا وروسيا وغيرها والخاسر الاكبر في ظل هذه المؤامرة هو الشعب العراقي المسكين الذي مازال يمارس عملية (الشخير ) والنوم كما يحدث والرضا بكون العراق متوجها الى اسفل سافلين