مات الشاعر وبقي الطائر |
سابقا كانت الهجرة الى خارج العراق ثمنها رقبة المواطن والمؤشرات على أسرته .. والأسباب كثيرة مثل: طلب الحرية، العمل، الدراسة، ظروف الحرب في الثمانينيات، حوادث 991، الحصار وبعد 2003 الذين لا زالت قضاياهم معلقة.
كانت الدول المجاورة تعيد المواطن الى العراق بدعوى تجاوز الحدود أو عن طريق إيران وتكون في جيش إسلامي تنظم أو عن طريق الشمال حيث تكتشف المهرب وكيل أجهزة أمنية .
يسمى المهاجر هاربا أو جاسوسا وعميلا ويسمى المهرب قجقجي هذا في السابق.
أما الآن، تسافر بشكل عادي وبحوزتك جواز السفر على متن طائرة أو سيارة، معك الزوجة والأطفال إذا كنت متزوجا، أعداد هائلة معلنة وتغطى من قبل الإعلام ويستقبلك رؤساء الدول والمنظمات.
المواطن المهاجر يسأل عن: لغة الدولة، الطعام حلال أو حرام، نوعية العملة دولار أو يورو، العمل الذي سوف يمارسه، الشقة، وسائل الراحة، المدارس هل قريبة للأطفال أي البحث عن فندق خمس نجوم.
الهجرة مشجعة للجميع، هي حق، حتى الديانات شجعت عليها؛ لطلب الرزق، المعالجة، الدراسة أو هارب مطلوب من قبل الجماعات والأحزاب والميليشيات. الناس مضطرة والحكومة العراقية سبب كبير من أسباب هجرة الشعب لعدم جديتها في بسط نظام حكم يكفل العيش السليم والأمان والصحة والتعليم والتشغيل. كل المهاجرين كأنما هم مواطن واحد يتكرر بمعاناته. كيف ؟. الهجرة بالنسبة للمواطنين العراقيين مثل طيوره، بل مثل طائر السيمورغ، الأولى البقاء وطرد الطبقة التي تسببت بتشريدهم، لكن!.
في إحدى الليالي، التعصب والعنف، طرقا باب فريد الدين العطار، الذي كتب حلمه على الورق، في قصيدة رائعة طويلة سماها منطق الطير.
مات الشاعر، لكن الحلم بقي، اجتاز القرون وداعب الأحلام، كيف؟. آلاف الطيور سمعت عن كائن أسطوري أسمه سيمورغ، تملكتها الرغبة بالتعرف عليه، قررت الرحيل معا، بالآلاف، باتجاه الموطن الذي قيل لها يوجد فيه. عبرت طوال سنوات الأنهار والمحيطات والجبال ومناطق الصيد كي تقترب من هذا السيمورغ الأسطوري المبتهج المتألق. إن العديد من الطيور لم تستطع أبدا إتمام الرحلة، تهاوت على الطريق، هلكت إما بسبب التعب أو المناخ، لم ينجح سوى ثلاثين بالوصول الى أبواب حصن السيمورغ. لكن، عندما نجحت في النهاية، كان بانتظارها مفاجأة، أن (سي) تعني ثلاثين و(مورغ) تعني طير باللغة الفارسية.
في انعكاس وجوههم، شاهد هؤلاء الطيور المجتمعون مليا، وجه السيمورغ الروحاني. أسرعوا لرؤية هذا السيمورغ، تأكدوا أنه لم يكن سوى ثلاثين طيرا. انتاب الجميع الاستغراب، لقد كانوا يجهلون إن كانوا قد بقوا أنفسهم أم أنهم صاروا السيمورغ. تأكدوا في النهاية أنهم كانوا السيمورغ حقا، وأن السيمورغ هو في الواقع الثلاثون طيرا (سي مورغ). كانوا ينظرون بالاتجاهين في آن واحد، كانوا يتأكدون أنهم والسيمورغ لا يشكلون في حقيقة الأمر سوى كائن واحد. هكذا، غرقوا في حيرة من أمرهم.
طلبت الطيور الثلاثون المفتتنة والحائرة من السيمورغ أن يشرح لها هذه الحقيقة الغريبة. حدثها عن تلك المرآة التي يمكن أن تعكس كامل الكوكب مع كل ما فيه من اختلافات وفرديات. طلبوا منه أن يكشف لهم السر، أن يمنحهم حل أحجية تعدد الكائنات ووحدتها. فسر لهم السيمورغ الشيء الذي لا يتوصل حتى قادتنا الحاليون وبعد أكثر من 1400 سنة الى إدراكه: إن الجماعة وكامل الأرض تستطيعان أن تكونا مرآة الفردية. إن قوتها لن تكون إلا أعظم: هي مرآة، إن من يأتي يرى نفسه فيها، يرى فيها روحه وجسده، يرى نفسه كاملا. أنتم ثلاثين طيرا فستجدون أنفسكم ثلاثين طيرا في هذه المرآة، لو جاء أيضا أربعون أو خمسون طيرا لانفتحت أكثر الستارة التي تخفي السيمورغ.
إن الصرخة من اجل التعددية لم تعد مرغمة أن تحتجب تحت رموز غيبية، اننا نستطيع القيام بها من خلال مكتسبات الحضارة والثقافة والتواصل ونسج الحوارات والتقدم بدون حدود والتعايش السلمي أثناء الهجرة.
|