الرقابة والفساد وتقرير العام |
إنتهى عام 2015 ولم أسمع ، أو أقرأ – على قدر اطلاعي – تقريرا من جهة رقابية ( وما أكثر هذه الجهات) عن حجم الفساد في هذا العام ومفرداته ، كما هو حال كل الاعوام السابقة ، بعد أن اصبح الفساد ( ثقافة ) خطيرة إبتلعت من حصة التنمية والبناء والتطور وخدمة المواطن في مفاصل إخرى الكثير ، ولا أعرف ايضا إن كانت ستنشر تقريرها أم لا …؟..
كما لم أقرأ أن جهة رقابية عرضت على الجماهير ملاحظاتها نهاية العام عن اداء مؤسسات الدولة ، من خلال تقاريرمتبادلة جرت بينهما على مدار العام ، وأين أخفقت المؤسسات ، وأين أصابت ، وأين موضع الفساد ، وبالارقام إن وجد في مؤسسة ما ، او في باب من أبواب الصرف والإنفاق ، وما هو رأي تلك المؤسسات في تلك التقارير ، وغيرها من ملاحظات الرقابة الادارية والمحاسبية التي تضمن الحفاظ على المال العام وتحصن الموظف في الوقت نفسه ..؟.. وهل عرضت تقريرها السنوي على الجهة المعنية ( كأن تكون رئاسة الجمهورية أو الوزراء او النواب ) والمطلوب منها ايضا أن تعرض على الشعب اجراءاتها وملاحظاتها على التقرير المعروض عليها ..؟..
أليس مثل هذا العمل هو من صميم واجبات الاجهزة الرقابية في البلاد ومبرر وجودها ، وتعدد عناوينها والانفاق عليها أم لا ..؟.. فقد اطلعت مؤخرا على تقرير صحفي تناول ما جاء في تقرير جهة رقابية في بلد عن حجم الفساد بالرقم النهائي في عموم الدولة في أخر العام ، لانها كما يبدو ملزمة بعرض تقريرها السنوي على الراي العام وحجم الفساد إن وجد وكل ما يتعلق به ، واثار لدي ملاحظة بضرورة اتباع مثل هذا الاسلوب الرقابي الديمقراطي في نهاية كل عام ، بعد أن وصل الفساد الى درجة خطيرة ، ليصبح اليوم أحد التحديات الخطيرة التي تواجه البلاد….
أن كشف الاجهزة الرقابية أوجه الصرف المخالفة والممارسات غير القانونية ، وحالات الفساد العامة ، وإعلانها للراي العام في تقرير نهاية العام هو جزء اساسي في محاربة الفساد ، ويساعد في سد منافذه ، ويحافظ على المال العام ، ويردع ضعاف النفوس ، ويعري العناصر الفاسدة ، ويخلق في الوقت نفسه مناعة قوية لمن لم يصب به ، كما يتيح للرأي العام الفرصة للمشاركة في الجهد الوطني لفضح الفساد والفاسدين ، ويكون تقويم المؤسسات ورؤسائها في نهاية العام على اساس هذا التقرير السنوي ..
نودع عاما ونستقبل جديدا بالتهاني والامنيات ، ولكنها مصحوبة في هذا العام بالتوجس والخوف من الوضع الاقتصادي الصعب ، وقد يمتد الى رواتب الموظفين بعد الا نخفاض الكبير في اسعار النفط ، وتوقعات جهة معنية بان العراق سيسد ربع الموازنة المالية لعام 2016 وفقا لاسعار النفط ، وهي ( 105 تيرليونات دينار ) يذهب منها ( 63 تيرليون دينار ) للرواتب والديون المستحقة والالتزامات الدولية وبعجز يبلغ ( 25 تيرليون دينار ) على حد ما اعلنه مقرر اللجنة المالية البرلمانية ، ونقله أحد المواقع الالكترونية ..
كانت معلومات تثير القلق ، وتدعو في الوقت نفسه الى التشديد في الرقابة الرسمية والشعبية بما فيها الصحافة والاعلام ، من خلال نشر الجهات الرقابية تقاريرها ليطلع عليها الشعب ، بمنتهى الوضوخ والشفافية ، وهو واجب وطني قبل أن يكون وظيفيا من أجل نشر( ثقافة ) النزاهة ، بدل ( ثقافة الفساد ) خاصة في هذه الظروف العصيبة ، وبناء تقاليد ديمقراطية في الرقابة بكل عناوينها ..
ومثلما هو حق للدولة ، هو حق ايضا للمواطن أن يعرف أين تذهب امواله وأوجه صرفها ، ومواضع الفساد واسماء الفاسدين ، وليس أن يتحمل فقط تبعات ذلك في قوته ونهوض بلاده والخدمات التي ينبغي أن تقدم له ..
والعراق ليس استثناء من هذه التقاليد الديمـــقراطية في الادارة والرقابة …..
{{{{{{
كلام مفيد :
ليس كل سقوط نهاية ، فسقوط المطر أجمل بداية ..(حكمة يابانية ) …
|