السياسة الهزيلة |
ان المشهد الحالي للواقع السياسي الاداري هو نتاج لذلك المخاض الطويل الذي تمثل بالسياسات المتتالية عقب اعلان الحكم الوطني عام 1921 وبدأ ساسة المملكة ومن ثم ثورة 14 تموز والقوميون والبعث وحتى عام 2003 ولهذا فأن المجتمع العراقي لم يألف ممارسة الديموقراطية ابدا فهو مكلكل بقيود الوهم التي تقوقعت في ذهنه جراء السياسات الظالمة الشنيعة والقهر الذي اخذ مآخذ عظيمة فما زالت بقع الدماء طرية واثر الاسواط يرسم ملامحه على قفا الوطن الذي عانى من داء مزمن لفترة طويلة جدا متمثلا بالدكتاتورية وحكم الفرد وبسط سياسة الخوف والعنف والتكميم ، فلهذا فبعد عام 2003 شرع مسرح العراق بفتح أبوابه من اجل تقديم العروض الموحدة لجميع المكونات لكن المفاجئة كانت ان العروض كانت تقتصر على فئة دون اخرى او يكون العرض اليوم لطائفة ما وفي اليوم الاخر تأتي طائفة اخرى بل من المؤسف جدا ان العروض بعد ذلك شملت الدول العظمى ودول الجوار كون المخرجين يفضلون هكذا عروض على خشبة مسرح العراق !!!فتوضح من خلال حركة الساسة العراقيين وأرهاصات الحراك ومعطياته المتحركة على أرض الواقع أصبحت هناك رؤية واضحة للمواطن العراقي الاصيل لما يجري في المشهد السياسي العراقي يفترض التركيز على ثلاث محاور تدور في فضاء تقاطعات جغرافية العراق السياسية هي المحور الدولي يتمثل بالإرادة الأميركية وبريطانيا وإسرائيل ، والمحور الإقليمي، العربي، الإيراني، التركي، والمحور الداخلي العراقي الذي يمثل الأحزاب المتصارعة على بلوغ محصلة المصلحة النفعيةفجميع هذه الإرادات المكبوبة والتي تتجاذب وتتنافر جميعها في المشهد السياسي في ظل ازمة فقدان ثقة وضمور أخلاقي واضح من خلال إعتمادها الخطاب الطائفي المذهبي والديني بغية الحفاظ على بقاء الفصيلة التي يعود اليها هذا المرشح وخدمة ابناء طائفته والسمو بها دون غيرها لكن ماهذا إلا خطاب اجوف للتشويش على عقلية المواطن لرؤية المشهد السياسي بشكل ضبابي مترامي الوجوه وكذلك عدم الاكتراث بحق الناخب وقراره السياسي الذي طالما سعى وراء جدولة الخدمات التي اعلنت عنها القوائم السياسية قبل الانتخابات من اجل بسط النفوذ والاستحواذ على عدد كبير من الأصوات التي تمكنهم من التربع على عرش السلطة والبرلمان فهل يمكن لتلك الاحزاب والقوى السياسية المتسيدة على الساحة أن تنسجم وتعمل بروح وطنية وأن تضع مصلحة المواطن معيارا حقيقيا وقيمة عليا تصب في مصلحة المواطن ؟؟ قطعا لا ، بسبب إفتقارها الى أبسط القيم الأيديولوجية الأخلاقية والوطنية وغياب مقومات بناءها الصحيح لكونها أسست كمشروع مضاد أو مشروع طائفي استقطبت وافدين من الشارع السياسي بدلا من المدارس السياسية وكذلك الانقسامات التي تعصف بتلك المكونات السياسية التي تمثل أجندات خارجية تتحرك تبعا للحراك الاقليمي والدولي ، في الوقت الذي تبدي تلك القوى عجزها وضعفها عن كبح جماح التدخلات الخارجية التي تتعاقب بأستمرار دون رادع حقيقي بل نرى البعض يجعل لإتفاقاتهم السياسية وحل نزاعاتهم شروط مكفولة ومرهونة لدى المحيط الاقليمي والدولي بسبب فقدان الثقة التي قتلوها وجعلوها ذكرى عابرة مرت في يوما ما وكما يقول المثل الشعبي (يقتل القتيل ويمشي بجنازته)إن خلاصة المشهد تحقق لنا رؤية شاملة لما آلت إليه الأوضاع تستدعي نهضة حقيقية وطنية تعيدنا في أول لحظة بعد الانتهاء منها إلى ذات الحلقة المفرغة والدائرة المغلقة التي أوقعتنا فيها التداعيات غير الموضوعية للأداء السابق الذي شهدته ناصية الحكم ، ومن الطبيعي أن تكون الشجاعة في مواجهة الذات وفي إعلاء المصلحة الوطنية وتقديم مهمة المصالحة كونها مصالحة مع الذات وليست بين أطراف منفصمة متقاطعة، هي الأداة الأولى لاتجاهنا الجديد ، كما أنّ النقد المطلوب ينبغي أن يبتعد عن توجيهه لشخصية أو حزب أو حركة بعينها وأن ينصب على السلوك والممارسة والخطأ فيهما ما يجنبنا الوقوع في دوامة التبرير والدفاع عن الذات والتخندق في موضع إغماض العين عن أخطاء الذات وفتحها واسعة ومضخمة على أخطاء الآخر وربما على ما يفتعل من أخطاء لهذا الآخر ومحاولات الإيقاع به في مصيدة المشاكل بما يراد من وراء افتعالها واختلاق التهم إبعاد العين عما يرتكبه طرف من احد الأطراف المعنية ، لابد لنا اليوم من قبول آليات الديموقراطية من احتمال التخلي عن كرسي المسؤولية لقوى وطنية أخرى على أساس ما تفرضه النتائج من تداولية واجبة ومن قبول باتجاه وطني للحل بأسس الشراكة الفعلية وبتعميق دور العمل المؤسساتي ورفض استبدال الأحزاب وممثلي الشعب ومؤسسات الدولة بقيادات وزعامات تتحكم بالحكومة الاتحادية وتجعل من أوامرها فوق كل اعتبار وتركز في الاساس عما يريده المواطن العراقي الذي طالما وقف الجدار بجانبه كي يرد صدى صوته بعدما اجحفت السياسات الماضية والحالية بحقه واصابت نفـــسها (بالطرش) .
|