لن تختلف سياسة حكام البلدين في المملكة العربية السعودية وتركية عن بعضهما شيئاً في نظرتهما لمجريات الاحداث في المنطقة واشعال فتيل الحروب والكوارث حيث لكل منهما المقسوم والمشترك في ما لحق المنطقة من الدمار والقتل والاهم بث الفتنة الطائفية المقيتة و جلب الارهاب ودعمه مادياً ومعنوياً بشكل كبير لايقاد نار الخلافات والمحن والنكبات التي اغرقت الشرق الاوسط بالدم والهوان وهناك أدلة تثبت أن تركيا هي المستهلك الأساسي للنفط المستخرج من أراض يسيطر عليها تنظيم "داعش"، فيما اتهم الرئيس التركي رجب طيب وأسرته بالضلوع في أنشطة تجارية مع التنظيم كما ان أنقرة هي التي فتحت الحدود من اجل تسرب العناصر الشاذة من بلدان العالم المختلفة للقتال في العراق وسورية.
ومن خلال قراءة تصريحات وزير الخارجية السعودي السابق سعود الفيصل في القاهرة بأن بلاده تسلح الارهاب في السورية دون أن يكترث للأعراف الإنسانية أو لرد فعل المجتمع والقانون الدولي. وفي ضوء هذا أضحى المجتمع الدولي رهينة للسياسة التي تتبعها السعودية بدعم الإرهاب والتحريض على ارتكاب المجازر التي تنفذها المجموعات الإرهابية المسلحة في المدن والبلدات السورية والعراقية مؤكدة بذلك أنها غير معنية إطلاقا بحل الأزمة في سورية او في العراق أو بحل الملف النووي الإيراني بل على العكس راح المسؤولون السعوديون يتباهون في تصريحاتهم العلنية بتقديم الدعم بالمال والسلاح للعناصر الارهابية وحلفائها وتدريبهم في بلدان مجاورة لسورية مثل تركية والاردن وإرسالهم عبر الحدود لتنفيذ أعمال ارهابية داخلهما .
والبلدان اليوم يبحثان ضرورة تشكيل مجلس تعاون استراتيجي لتقوية التعاون العسكري والاقتصادي والاستثماري بينهما ولو عدنا الى الوراء لمشهد التغيير العربي في الانتفاضات الربيعية كما سميت تباين بحدة موقف المملكة العربية السعودية عن تركيا كل وفق مصالحه العليا،ففي الحالة السورية انسجم الموقف التركي مع السعودي في دعم الانتفاضة السورية للتخلص من حكم الرئيس بشار الأسد، وكان لسقوط حكم الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك وقع كبير على المملكة العربية السعودية لأنها ليست فقط خسارة حليف ولكنها أيضًا غيرت من موازين القوى في الشرق الأوسط التي كانت حتى ذلك الحين لصالحها وعلى اثرها جمّدت الإمارات والسعودية صفقات تجارية مع تركيا ومشروعات كهربائية تزيد قيمتها على 12 مليار دولار أميركي بسبب تاييد انقرة للاخوان المسلمين في ذلك الوقت و كان رئيس الوزراء التركي آنذاك- ورئيس الجمهورية التركي الحالي رجب طيب أردوغان، أول مسؤول رفيع المستوى على مستوى الشرق الأوسط طالب الرئيس المصري الأسبق محمد مرسى بعدم التخلي عن حكم مصر. في حين دعمت المملكة العربية السعودية الإطاحه به، والتي رفضتها وبشدة تركيا بينما نراها اليوم عكس ذلك حيث تؤيد السعودية بشكل ما النظام العسكري الحالي في حين ترفض تركية التقارب معه...
وليس هناك من هو ضد تشكيل تحالف او مجلس تعاون ابداً.
وتكمن أهمية العلاقات التركية السعودية نظرًا للاعتبارات الدينية والتاريخية والمصير المشترك ويدعم ذلك قوة اقتصاد البلدين باعتبارهما ضمن مجموعة الدول العشرين ولدورهما السياسي المؤثر في إدارة التوازنات الإقليمية و العلاقات التي يقيمانها على المستويين الإقليمي والدولي ولو سعى البلدان للعمل من أجل الحفاظ على السلام والأمن والاستقرار وخاصة في الشرق الأوسط لكانت المنطقة اكثر ازدهاراً وامناً ونمواً. و إيجاد نقلة نوعية في العلاقات بين البلدين لوضع علاقات استراتيجية تخدم مصالح البلدين والشعبين وتساهم ايضاً في إيجاد الأمن والاستقرار في المنطقة .إلا ان هناك تباينات في الواقع تؤثر بشكل سلبي على العلاقات التركية السعودية بالنظر إلى حسابات القوى الإقليمية،وقد اجبرتها التوازنات الحالية ،وللانسان اللبيب يتضح أن المملكة العربية السعودية كانت بحاجة إلى تركيا لانها القوة الإقليمية الوحيدة القادرة على ملىء الفراغ وبناء شراكة معها في مواجهة النفوذ الإيراني الذي يزداد قوةً كل يوم وخاصة بعد الاتفاق مع دول 5+1ورفع العقوبات الظالمة بحقها .اي كما يقول المثل: (تدحرج القدر فعثر على غطائه )
وعليه فإن طبيعة العلاقات بين أنقرة وطهران تجعل الدعم التركي لأي علاقة مع الدول العربية أو الخليجية محدوداً، ولا يجب المبالغة في رسم توقُّعات كبيرة منه تتجاوز حدود الواقع على الأرض.
ولان التعاون الأمني بين تركيا والمملكة العربية السعودية حسب تصوراتهما سوف يصبّ في مواجهة إيران إلا انه مهما كانت أنقرة منفتحة على تعاون مع دول الخليج من أجل احداث توازن في المنطقة، لكنها لن تغامر أبداً في استعداء ايران أو حتى الظهور وكأنها تقف في حلف «سنّي» ضد مخطط «الهلال الشيعي» في المنطقة ابداً كما سماها العاهل الاردني الملك عبد الله .لكن قد يتخذ التعاون عدة أشكال، اهمها والتي عملت عليه سابقاً في إسلام أباد بتاريخ 25شباط/فبراير عام 2007م: فقد شرعت تركيا والمملكة العربية السعودية في إقامة تعاون “سني” في مواجهة الكتلة الشيعية الإقليمية التي تقودها إيران. على سبيل المثال، بناء على دعوة من باكستان، اجتمع في حينه وزراء الخارجية من سبع دول قريبة مذهبياً من بعضها هي؛ باكستان، وتركيا، والمملكة العربية السعودية وماليزيا وإندونيسيا ومصر والأردن، لمناقشة إقامة جبهة مشتركة لحل المشكلات الإقليمية. وفي إعلانهم المشترك، أعطوا الأولوية للقضية الفلسطينية ووحدة الأراضي العراقية، والسياسة اللبنانية. واتفقت الدول السبع أيضًا في اشارة خجولة على أنه يجب حل الملف النووي الإيراني من خلال الوسائل السلمية في وقتها وهذا المطلب وضع بناءاً على ضغوط من دول اخرى مشاركة في المؤتمرالذي لم يكن له ما يذكر الان . ناهيك عن أن هناك من يعتقد بأن رغبة تركيا في التقارب مع السعودية قد تكون مناورة لكسب ود السعودية والاستقواء بذلك على الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي والضغط عليه في ملف تنظيم الإخوان المسلمين، والذي لايتامل ايضاً الحديث عن تقارب خليجي - تركي من أجل حسم الملف السوري عسكرياً، وترك بقية ملفات الخلاف على الرف الى حين او قد تكون مجازفة، لإن إسقاط نظام الرئيس الأسد عسكرياً من دون الاتفاق مع تركيا على حدود دورها في مستقبل سورية، قد يفتح شهية أردوغان للخباثة بالمزيد من خلط الاوراق في المنطقة .