( إبريج ) خط النار

إبريج وهي كلمة تطلق بمعنين اثنين فإذا كانت ( ابريق ) فهي في معظم البلدان العربية تعني الآنية التي نعمل فيها الشاي .واذا بُدل حرفها الاخير بالجيم الأعجمية كما في العراق والكويت والبحرين وتصبح الكلمة ( إبريج ) وهو الأنية المصنوعة من البلاستيك او النحاس نستخدمها للشطف في دورات المياه الصحية .وغير ذلك كنا نحن الفقراء ايضا نستخدم الإبريج في غسل رؤوسنا ونحن نمدها وسط الطشت وامهاتنا هن من يصببن الماء ومسحوق التايد على رؤوسنا .
تلك حكايتنا مع الإبريج . أما حكاية الوطن معه فأربطه بالحكاية التالية :
كان يعيش في مدينة الناصرية 360 كم جنوب بغداد رجل طيب ومرح وصانع عجيب للنكتة وصاحب بديهية عجيبة هو المرحوم ( كاظم عريبي ) الذي كانت تعليقاته ونكاته تحمل ما نسميه ( حسجة ) في نقد الواقع الاجتماعي والسياسي.
ولهذا لا تمر مناسبة من مناسبات البلاد حتى كان للمرحوم كاظم عريبي لها فيها تعليق أو نكتة .
ومرة في بداية الحرب العراقية ــ الإيرانية ( 1980 ــ 1988 ) وفي بداية احتدامها شاهد الناس المرحوم كاظم عريبي يمسك ( ابريجا ) ملئ بالماء وقالوا له : اين أنتَ ذاهب يا أبا أيمن ؟
رد : حتى اطفئ خط النار .
وكان يقصد بخطوط جبهات القتال ، ربما لأنه كان يدرك أن بقي هذا الحال ، فالحرب ستأكل الأخضر واليابس .
في ذلك الوقت كان هناك خط نار واحد مشتعل بطول الف كيلومتر من الفاو الى بنجوين ولم يطفئه حتى لو سكبنا عليه مليار ( إبريج ) إلا أن فراسة وحكمة المرحوم كاظم عريبي توصل القصد باليأس حين يستعين المغلوبين على امرهم بالإبريج ليوقف لهم حرب ضروس من اطول الحروب الكونية الطاحنة في التضحيات وصرف السلاح والاموال بعد الحرب العالمية الثانية.
اليوم تعددت خطوط النار في جسد وخارطة هذا الوطن الجميل .جبهة نينوى والانبار وبيجي وسنجار وشوارع العاصمة.