تواجه الأحزاب الإسلامية في العراق أزمة اجتماعية كبيرة بسبب فشلها على مدى ثلاث عشرة سنة في تقديم حالة إيجابية ولو واحدة فقط، حتى تقنع المواطن العراقي بنجاحها في قيادة البلاد. وبالتأكيد أن الموقف الاجتماعي من تلك الأحزاب لم يأتي من فراغ. والواقع الملموس المعاش يظهر بشكل جلي ذلك الفشل على جميع المجالات. في وقت كانت وما تزال تلك الأحزاب على رأس السلطة مع تفاوت تأثيرها بحسب مكانتها في الخارطة السياسية. لكن، اعتقد أنه من الحيف وضع الحزب الإسلامي العراقي ضمن هذه الأحزاب وأن يناله نفس الحكم، وذلك لعدة أسباب، منها وليس على سبيل الحصر، أنه ورغم ما اعترى بعض قياديي الحزب من فشل فإن ذلك ليس حالة عامة. بل أكاد أجزم أنها طارئة بسبب التعقيدات التي تعيشها البلاد وتأثيراتها السلبية على اختيار الأنسب. يضاف إلى ذلك أن الحزب الإسلامي يعد من أنصع الاحزاب بياضا. فهو لا يرتبط بإجندة خارجية ولا ينفذ مخططات إقليمية. ولم تتطلخ يده بدماء العراقيين. في وقت نرى أحزابا أخرى قد أوغلت بدماء العراقيين. وارتمت في احضان بعض الدول. لكن مع ذلك تبقى المحصلة والنتيجة لدى المواطن واحدة. وهو لا يفرق كثيرا بين الأحزاب بسبب طابعها الإسلامي الذي اتخذ مطية لتنفيذ مخططات مريبة. وهنا ربما نجد أن أكبر الخاسرين من هذه النتيجة هو الحزب الإسلامي العراقي. فالأخرين تمكنوا من خلال مكانتهم وتصدرهم المشهد السياسي من تحقيق الكثير مما خططوا إليه، بينما نجد الحزب الإسلامي لم يتمكن من تحقيق أي من أهدافه الكبرى التي لا شك أنها تختلف كثيراً عن مخططات الأخرين. إذا صح أعلاه فكيف يكون العمل مستقبلا لتفادي الثورة الكبرى على كل ماهو إسلامي في العراق ... وأقول ثورة كبرى، لأن العلمانيين يعملون بشكل ممنهج ومدفوع الثمن ولهم تأثير كبير على المجتمع ويساندهم في ذلك الفشل الذريع للاحزاب الإسلامية. وهنا أقول أنا لست ضد العلمانية التي تحفظ حقوق الناس. وتنشد العدالة والقانون. فنحن كإسلاميون نتوافق مع العلمانية في عدة نقاط لا تختلف مع الشريعة. لكن أنا ضد العلمانية العربية وفي موضوعنا العلمانية العراقية التي ليس لها هم سوى محاربة الدين وكأنه هو العدو. ومتناسين في خضم ذلك بقية ماتدعو إليه العلمانية. إذن لا بد من مراجعة شاملة داخلية للحزب الإسلامي تغيب عنها المصالحة الكاذبة. بل مراجعة تدقيق وتمحيص للوصول إلى نتائج حقيقية. وأقول مراجعة داخلية لأن الأساس المتين فقط من يقدم الحالة الإيجابية التي يرنوا إليها العراقيون. على قادة الحزب أن يطردوا فكرة السيطرة والتحكم وإحكام القبضة والمحسوبية. وأن يترك المجال لتفتح ألف زهرة وزهرة. لا نريد زهرة واحدة بلون واحد. البشر ميالون للتغيير فلنقدم لهم كل يوم زهرة. لنترك المجال للحركة الدائمة لتضمن الديمومة والحيوية. أما بقاء فكرة السيطرة والتحكم فذلك يعني إقصاء للأخر ... وهي صفة موجودة لدى بقية الأحزاب الشيعية التي تحاول قدر إمكانها إقصاء الأخر ولنا في ذلك أمثلة كثيرة أقصاها التصفية الجسدية وليس لأدناها مستوى معين . أما إذا تبنى الحزب الإسلامي هذه الفكرة فلن يكون أمامه أخر لإقصاءه واضطهاده سوى أعضاءه !!! وفي الختام علينا أن نكون واضحين شفافين خصوصا مع المجتمع. وأن ندرك أن خسارته تعني خسارة كل شي.
|