هل الإسلام يكره الجمال ويحتقر الحياة ؟.

منذ أن وعينا كنا نسمع كلام عام ومفصل وموثق بأحاديث وآيات بينات أن الله يحتقر الجمال ويكره السلام وأن الإسلام يدعونا للتفكير بالآخرة وإزدراء الحياة الدنيا لأنها وحسب ما كنا نسمع مجرد مرحلة لا بد يمر بها الإنسان سعيد من نجح أن يعبرها بتفوق دون أن يتلوث بما فيها ,هكذا تعلمنا وهكذا تلقينا أصول ديننا كل من لا يؤمن بما يقوله شيخنا المبجل سيكون حطب جهنم لأن الشيخ حفظه الله تلقى ذلك من لدن عزيز حكيم , هذا العزيز عبس وتولى حينما ذكر له الملائكة أن الخلق الجديد سيفسد في الأرض , فقال وعزتي وجلالي لأملئن جهنم منهم ومن الجنة أجمعين ,ومن يومها وهذا العزيز الجليل ناصب الإنسان العداوة , ليس كل إنسان فقط من يؤمن بحقه أن يعيش كما هو الواقع ويتمتع ويستمتع طبعا دون أن يمس حق الآخرين .
أول صدمة أكتشفتها في منتصف السبعينات وقد كنت لا أدرك مدى الغباء والوهم والأستحمار الذي مورس بحقنا حين سمعت الفنان ياس خضر يغني إن (ما قال ربك ويح للذين كفروا بل قال ويح للمصلينا )وعرفت أن الله جميل وأنه يدعو الناس للمحبة , ولكن لم يغير من قناعاتي الشخصية شيء وبقى ما رسمته صور الأستبقار والأستحمار من ما نقرأه ونسمعه من عذابات القبر والبرزخ يكرهنا في ما هو حق وواجب علينا , وكنا في أحيان أخرى نتمنى الموت والفناء كي لا تتعاظم ذنوبنا وخطايانا التي لن ينجينا منها أحد ونحن ذاهبون لجبار عنيد .
كبرنا وكبرت إدراكاتنا وعرفنا أن الكثير مما كنا نعتقده مجرد ظنون وأوهام تخيلها البعض أما من سوء تقدير أو عدم معرفة برحمة الله أو تلقين غبي توارثته الأجيال وأصبح من صنف العقائد التي لا تقبل بغير التسليم بها على أنها هي الدين ,وعرفنا أن الله أسمه الجميل وصفاته الحبيب الرؤوف اللطيف أرحم الراحمين , وأن كل ما جاء به الأولون والآخرون لا علاقة لله به ولا للدين صلة به , بل كل ذلك من بنات أفكار البعض المصابة بالسوداوية , ولكن الغريب أننا ما زلنا يسكن في أعماقنا خوف من ذلك الوحش الذي قالوا عنه أنه الرب الجبار ذو الغضب والعذاب الشديد , فهل هذا عيب في عقولنا التي لا تستطيع أن تتجاوز زراعة الأفكار المبكرة أم سطوة النفس اللوامة التي لا تقتنع إلا بمن يخوفها ويزجرها ويهينها في كل وقت .
الظن كل الظن أن الترسبات التي تركها اللون الأسود وأصطبغت به ذاكرتنا هو الذي يمنعنا من أن نواجه الحقيقة بكل شجاعة ونرمي وراء ظهورنا كل الزيف والتحريق والحقد الأسود على الحياة وعلى الحب والجمال , لقد طالعت وقرأت وتفحصت وتدبرت الكثير والكثير من الآيات والأحكام والسور القرآنية وقارنتها بما في الذاكرة وما في العمق من صور قاسية ومعتمة عن الله وعن الدين والتي تم تلقيننا بها , وما زال الكثير يمارس نفس المنهج فوجدت أن ما جاءت به الرسل وما كتبه الله لم ينقل لنا كما هو بل ترك البعض متعمدا كل الجوانب المشرقة التي تدع للمحبة والسلام والتمتع بالحياة الدنيا والعمل على تحسين الحياة وأضفاء صفة السعادة والخير عليها هي في مقدمات ومهام عمل الرسل والأديان .
أذن ما يمنعنا أن نعلن للناس وبكل شجاعة أنهم قد كذبوا على الله وسودوا حياتنا وملئوها هما وغما دون وجه حق وبلا دليل لمجرد أن هناك مريض نفسيا يكره الله وخلقه قد كَتَبَ كتب صفراء وسطر الكثير من الدس ونسبها للرسول وللناس الذين أجهدوا نفوسهم وعقولهم كي يرسموا لنا طريقا للحياة فيه الخير والمنفعة والحب والسلام , أعرف أن الكثير ممن يتعبدون بالأفكار السوداوية لا يمكنهم أن يعيشوا عالم جميل مملوء حب وسعادة وأمل ,وأن الحياة الأخرى ما هي إلا حصادنا من عمل الخير والإحسان والمحبة في هذه الدنيا , ولا يمكن أن تكون نتاج كراهية وظلامية وأحتقار لكل هذا الجمال الذي أبدعه الرب الجميل صاحب الكتابة الشهيرة التي أعلنها للملأ بدون تردد أنه كتب على نفسه الرحمة بالإنسان وليس الظلم والعذاب والقهر والتسلط بدون حق .