تهديم بيت مقاتل |
من خلال مشاهدتي الى مقطع فديو نشره مقاتل يقاتل في الفلوجة عاد في إجازة ليجد بيتة البسيط – الذي شيدهُ بشق ألأنفس- مهدما كما لو أن عاصفة هوجاء أحالته الى ركام . شاهدت الفلم القصير عشرات المرات وفي كل مرة أشاهده تنبثق الدموع من عيناي كصنبور ماء مكسور. المشهد مؤلم لدرجة الموت. راح الشاب المسكين يقف الى جوار ألأنقاض ويصرخ بحرقة وبأعلى صوتة ” ..أنا جندي بالحرس الوطني أداوم بالفوجة وهذه هويتي ..أنا أدوام في الفلوجة يعني هناك أقاتل. ليس لدي دينار واحد وليس لدي شبر واحد في كل العراق. أنا ألآن أتكلم من النجف ألأشرف. حسناً دع المحافظ يسمعني. وهو سيد لؤي جيرانه. دعه يسمعني جيداً. هذا بيتي الذي بنيته. صور البيت. دع العالم يراه. دع العالم يراه.أنا إقترضت عشرة ملايين دينار. وهو عقد ولاأريد أحد أن يأتي ويقول هذا تجاوز. مدير البلدية يركض خلفي..وساومونني على البيت. وكذلك القائممقامية وغيرهم. أحدهم يريد أن يفتح مول أو بانزينخانه أو غيرها. هل أن الله يرضى هذا؟ هل أن محمد يرضى بذلك؟ هل تقبلون أن يحدث لنا هذا؟ أنا جندي أقاتل هناك في الفلوجة وأشعر بالقرف. وهذه هويتهم – يلقيها على ألأرض بغضب – أنا أدافع عن ألأرض هناك وفي النهاية يأتي احدهم ويهدم بيتي؟ من الذي يقبل هذا؟ وهناك شخص آخر هدموا بيته وهو جاء معي. هل هذا هو العراق.” . لم أنم تلك الليلة . حاولت تجاهل الموضوع لأنه يشكل بالنسبة لي كمواطن بسيط مأساة من عشرات المآسي التي تحدث كل يوم في أرض العراق دون مجيب ودون أن يهتم أي مسؤول لكنني رحت أتقلب على فراشي كمن أصابه مسٌ من الجنون. أنا لاأعرف المقاتل شخصياً إلا أنني شعرت أنه أخي بكل ماتعنيه هذه الكلمة من معنى. واجبي أن أقف في وجه العمل المنكر الشنيع الذي قام به المسؤول ولو بلساني فقط وهذا أضعف ألأيمان.
حسناً لنتحدث عن هذا الموضوع بشيء من العقلانية وأنا أعرف مسبقاً أن كلامي لن يقدم أو يؤخر أي شيء. هو جندي أو مقاتل تطوع للدفاع عن أرض العراق ولايهم أن تكون تلك ألأرض سواء في الفلوجة أو أي منطقة أخرى لأن ألأرض تعود الى جزء من أجزاء العراق المترامية ألأطراف. هو يحاول إبعاد العدو الشرس من الدخول الى مناطق أخرى من أرض المقدسات – العراق. ربما يموت في أي لحظة ، إذن هو أشجع مني ومن كل المسؤولين في المحافظات الذين يقضون وقتهم في مكاتب أنيقة وأشياء أخرى. هو لايريد أن يسرق ملايين الدولارات من وزارة الكهرباء أو وزارة الصناعة أو التجارة وبقية الوزارات ألأخرى. لنفرض أنه تجاوز بعدد من ألأمتار من أرض العراق ليبني له بيتاً بسيطا وهذا من حق أي مواطن يسكن هذه ألأرض. لماذا لم يهدم المسؤولون الكبار بيت وزير التجارة – السوداني- حينما سرق الملايين وهرب الى لندن وهو تجاوز على كل قوانين الدولة ؟ لماذا لم يهدم المسؤولون بيت من سرق أموال وزارة الصناعة ويريد أن يبني مدرسة للرقص في مصر من ألأموال المسروقة؟ ألم يخترق القانون ويتجاوز على الشعب والدولة؟ سمعت من أحد المهندسين في وزارة الصناعة أن احدهم حينما كان وزيرا كان أقل صفقة يأخذها هي خمسون مليون دينار- ضحك المهندس وهو يقول لي حرفيا- الخمسون مليون هذه أقل شيء..ولكنه يأخذ 25 بالمئة عن كل صفقة. أليس هذا تجاوزا على قوانين الدولة؟ أم أن الوزراء السارقين غير مشمولين بالحساب يوم القيامة. ماذا سيكون رد فعل هذا المقاتل الشريف بعد تهديم بيته؟ هل سيقاتل بصدق أم يترك الجيش وهذه أكبر خسارة . حسناً لماذا لم يعوض المحافظ مواد البناء التي هدمها ومضاعفة لأن المقاتل بذل جهدا وعذابا ليس مثله عذاب؟ لماذا لايمنح المحافظ هذا المسكين قطعة أرض ؟ ألاتوجد أراض في النجف؟ الحديث يطول هنا ولكن هذه الحادثة أدمت قلبي وأقسم برب الكعبة لو كنت ميسور الحال لتبرعت لهذا المقاتل ببيت على نفقتي الخاصة ولكن كما يقول المثل – العين بصيرة واليد قصيرة-. هنا وكواطن بسيط ليس له وجود في هذه الدولة ..أطالب أن يُمنح هذا المقاتل قطعة أرض فورا مع مبلغ لبناء بيت له. هو إنسان وشاب وقوي ..وإنسان واحد يمكن أن يغير العالم . أيها المسؤول الكبير في الدولة العراقية لاتخسر هذا الشاب من أجل حفنة من الدولارات لأن خسارة هذا الشاب تعادل كل أموال العراق. أرجو أن تصل الفكرة الى أصحاب القلوب المضيئة قبل أن يفوت ألآوان كما يقولون. قلبي معك أيها الشاب النبيل وسأدعوا لك في صلاتي كل يوم كي يعوضك الله أضعاف مضاعفة. لاتترك واجبك في الفلوجة لأن العراق كله في حاجةٍ إليكِ ..أنت أكبر من كل أموال الذين لايخافون الله ويعذبون الشعب المسكين. أرفع لك قبعتي إحتراما وتقديراً. ” … ضاقت فلما استحـــكمت حلقــــاتها فرجت وكنت أظنهـا لا تفرج .
|