اظنها من بديهيات فنون الحروب او علومها، ان شئتم، ان نصرك في الحرب يفقد معناه وقيمته اذا لم تعرف كيفية الحفاظ عليه. وكلما حافظت على النصر فإنك ستكسر عدوك نفسيا وسيسهل عليك دحره في معاركك القادمة. هذا طبعا لا يتحقق الا بوجود عقول رصينة تعرف معنى الحرب وفنّ ادارتها. بتعبير آخر، بعض انواع الحروب تحتاج عقلا أكثر من الحاجة لدبابات او طائرات وباقي المعدات. الأخيرة ممكن ان تشتريها، فأسواقها منتشرة وتجّارها يطرقون بابك وانت في بيتك ما دمت تدفع بالعملة الصعبة. لكن العقل لا سوق له فتشتريه ولا تجّار يأتونك به وانت جالس. خوفي ان قواتنا التي صارت تحقق انتصارات كبيرة على الدواعش ينقصها وجود عقول راجحة تتدبر امر ما بعد النصر. ما دفعني لهذا الخوف هو ان الدواعش بعد كل انتصار يسعون الى تحقيق مكاسب ما كان يجب لها ان تتحقق لو ان هناك عقولا تترصدهم. وسائل داعش في تنغيص فرحتنا بالنصر مثل خلالات العبد او اقل : مفخخات وانتحاريون بلا أدمغة يرمون بهم على قواتنا. الغريب أنهم في كل مرة تقريبا ينجحون. اظن ان نجاحهم يعتمد على عيب فينا وليس على قوة فيهم. سأوضح: بعد الفرحة الكبرى بتحرير مركز الرمادي لم يمر يوم او يومان لنجد داعش يستهدف قاعدة سبايكر ويقتل منا 15 عسكريا. انها قاعدة عسكرية وليست جايخانة. المفروض انها محمية لا يستطيع حتى الطير ان يمر فوقها. الاخبار تقول ان انتحاريين اقتحموها في وقت التعداد الصباحي وفعلوا جريمتهم. اسأل القائد العام للقوات المسلحة: هل الذي يعجز عن حماية قاعدة عسكرية او معسكر للجيش ممكن ان يحمي مطعما او مدرسة او روضة؟ قطعا هناك ثغرة في تفكير قادتنا. ثم انها سبايكر التي صارت جرحا في نفوسنا من يوم ذبح أبنائنا فيها بأبشع هولوكوست في التاريخ الحديث. أما زلتم تسمحون لهم بذبح شبابنا فيها؟ أ في كل يوم لنا سبايكر يا حضرات؟ لا، هذه لا تلبس عليها عباءة. ولا يجب ان تمر من دون عقاب صارم لمن لم يمنع حدوثها من الأساس. هناك خلل عقلي في إدارة الحرب يتطلب شجاعة من نوع خاص لكشفه واستئصاله من جذوره. بغير ذلك ستظل أيدينا على قلوبنا من الخوف بعد كل نصر. والنصر إذا تبعه خوف فلا خير فيه.
|