الأحداث المهمة يوم 13/4/ 2003

 

توجهت صباح اليوم الى نادي العلوية وكانت الفوضى مستمرة في بغداد، وألسنة اللهب تتصاعد من الوزارات والمؤسسات المهمة بعد سرقتها، وردد كثيرون أن هذا الفعل من ضمن توجيهات صدام بتدمير الجسور والمنشآت أذا ما دخلت القوات الامريكية بغداد وكأنها ملكا له ولطغمته . باشرت عملي في النادي بفرز الاسماء المهمة من المدراء العامون وكبار ضباط الشرطة، بعدها توجهنا أنا والزبيدي الى فندق المرديان، للأجتماع بالضباط الأمريكان، للتفاهم معهم عن كيفية العمل والوصول الى افضل السبل لأعادة الخدمات، والحد من الخطر الداهم الذي يحدق بما تبقى من بغداد، وتم الاتفاق معهم على تشكيل لجان فرعية تشمل كل الوزارات، لأننا لا نستطيع العمل بدون موافقتهم مع التركيز على الجانب الخدمي ( لم يسئلنا الأمريكان عن انتماءاتنا السياسية ولم نتطرق نحن عن ذلك بل كنا نتحدث كعراقيين )، عند خروجنا من الاجتماعات كانت شبكات التلفزة العالمية تراقب حركتنا وتصورنا وتلاحقنا عند دخولنا وخروجنا من الفندق، خاصة وأن أكثرهم علقوا فيه بسبب الوضع المبهم خارجه والطرق المؤدية الى خارج العراق . عندما غادرنا الفندق وجدنا تجمعا من رجال الدين وشيوخ العشائر عند البوابة، فما أن شاهدونا حتى أخذوا يهتفون ( وحدة ....وحدة ......عراقية لاشيعية ولاسنية .... )، ويبدو أن هذا الهتاف كان ردا على وسائل الأعلام التي كانت تتحدث عن أحتمال حصول قتال بين الأخوة المسلمين وتمهد له بأساليبها الرخيصة، بعد أن حصلنا على موافقة الامريكان على تشكيل لجان فرعية وضعنا على رأس هذه اللجان ذوي الدرجات الوظيفية الكبيرة وبلا تمييز، لأن مجرد مجازفة الموظف ووصوله الينا يعد أخلاصا ووطنية، خاصة وأن الحواسم قد سيطروا على الشارع وبمرأى من الامريكان الذين بدأ أملنا يخيب بنواياهم . أجتمعنا معهم ( الأمريكان ) مرة ثانية الساعة الثالثة بعد الظهر، وقد احضر لنا ضباط الشرطة ضابطين برتبة لواء ( جنرال ) هما اللواء زهير النعيمي، واللواء عبد الهادي الزيدي، ووقع الأختيار على النعيمي لأن الزيدي كان مريضا فأصبح نائبا له، وأتفقنا على أن تكون كلية الشرطة مقر لقيادة الشرطة ( وهو الاسم الجديد الذي تم الاتفاق عليه ) وطلبنا من الأمريكان تأمين الحماية لها فقالوا سيكون هذا جاهزا من هذه الليلة، واتفقنا على أن يأتي اللواء الزهير بالملابس العسكرية غدا كي نرى ماذا عمل الأمريكان من أجل أن يباشر بعمله، وبقى العقيد أحمد عبد العزيز ضابط ارتباط بيننا وبين قيادة الشرطة، كان الضباط قد احضروا معهم سيارة نجدة وأدخلناها داخل ساحة الفندق التي أستقر بحديقته بعض وكالات الأنباء، وعندما ركب العقيد أحمد عبد العزيز السيارة تجمع عدد من الصحفيين حوله وأخذوا يطرحون عليه بعض الأسئلة كما شرح لنا ذلك لاحقا، وقال لهم أن الأمريكان وافقوا على عودة عمل جهاز الشرطة ودوت صافرة انذار هذه السيارة، واذاعت اذاعة مونتيكارلو أن العقيد عبد العزيز أصبح قائدا لجهاز الشرطة الجديد وهذا غير صحيح بل الصحيح ما ذكرت سابقا . كانت شوارع بغداد موحشة أما في الليل فهي موحشة جدا، خاصة عندما أعود في وقت متاخر من الفندق، وكنت أعتذر عن البقاء في الفندق حسب طلب المرحوم الزبيدي، لانني كنت أخشى على مصير العائلة من القنابل العنقودية التي كانت في باب الدار كما تحدثت سابقا، ولا توجد وسيلة أتصالات بهم ذلك الوقت، لانعدام الماء والكهرباء والاتصالات وكل الخدمات تحولت الى ركام، لخلو بغداد من ساكنيها فأن الكمية القليلة من الماء التي تضخها محطات المياه بمساعدت المولدات الكهربائية كانت تكفي لسد حاجة العائلة العراقية تقريبا، لذا كان التنسيق مع لجنة وزارة النفط التي تراسها السيد ثامر الغضبان مفيدا جدا في توفير مادة الكاز لهذه المحطات في الايام التي تلت، مع أن المسؤولين في هذه المحطات كانوا يشكون من عطل بعضها بسبب الاعتماد عليها فقط في الضخ ولأزدياد الطلب على الماء كلما عاد المزيد من أبناء بغداد الى بيوتهم .