ابن المُعلمة .. في المشهد السياسي العراقي |
مع عظيم احترامي لقدسية المُعلم ومهنته النبيلة .. هكذا نحن في هذا البلد المسكين ، الذي يشعر المسؤول فيه بأنه نصف آلهة ، و أن الدم الأزرق يسري في عروقه،هذه الثقافة التي نشئنا عليها منذ طفولتنا ، هي جزء من متوالية تاريخية عاشها العراق بعد انقلاب 1968، حين حكمته المدينة ، ثم القرية ، ثم العشيرة ، ثم العائلة ، التي قادتنا إلى ما نحن فيه الآن من بؤس خراب . بعد 9 نيسان 2003 انتقلت هذه الثقافة المريضة ،إلى معظم سياسيو الصدفة الذين شكلوا المنظومة الحاكمة للعراق بعد سقوط الصنم ، وتحولنا من حكم العائلة الواحدة إلى حكم العائلات ، فأصبح المسؤول الذي يتسنم منصب كبير في الدولة يشعر بان المؤسسة التي يديرها ملكا له ولعائلته ، و(كانتون) يديره وفق رؤية حزبه وطائفته وقوميته وعائلته ، بعيدا عن شيء يسمى ، سياسة حكومة ،وتوجهات عامة ،ومصالح وطنية ،هكذا تدار معظم وزاراتنا هذا اليوم ، حين أصبحت مرتعا لأبناء المسؤولين وإخوتهم وحتى آبائهم ، بعد أن امتلكوا سلطات غير محدودة في هذه الوزارات لا لشيء سوى لأنهم أقرباء الوزير ، حتى سيطروا على زمام كل شيء ، يعينون وينقلون وينهون خدمات ، ويوقعون عقود بملايين الدولارات ، ويجوبون بقاع الأرض الجميلة تحت مسمى الايفادات ، دون أن يمتلك معظمهم أي مؤهل علمي أو منصب رسمي يمكنهم من فعل ذلك . ابن المُعلمة ، الذي شعرنا ونحن أطفالا بالغبن والظلم اتجاهه ، يبدو انه كان أكثر براءة وسذاجة ، بعد أن تحول إلى حالة أكثر خطورة وتأثيرا على المجتمع ، حتى أصبح ظاهرة عامة تجتاح مؤسساتنا الحكومية وتعبث بثرواتنا ومصائرنا ومستقبل أبنائنا . يحكى إن أب لأحد المسؤولين زاره إلى مكان عمله فلم يجده ، فما كان منه إلا إن يجلس على مكتب ابنه المسؤول ويطلب عقد اجتماع مع الموظفين ، ليحدثهم عن يومياته مع ابنه المسؤول ، وعن حكايات شعبية يستلهمون منها العبر والدروس .
|