رحلة في ذاكرة الإنسان

 

–           يتردد بين المكونات السياسية بين أوانة وأخرى، عن بيع (القطاع العام) من دون أن تكون هناك دراسة للجدوى الاقتصادية، وهكذا أصبح ما كان محظوراً حظراً تاماً، يطرح عبر الإعلام بأنواعه وكأنه بديهية من البديهيات. مرّ علينا وقت خلال الستينات من القرن الماضي، كان فيه الحديث كله (حتمية الحل الاشتراكي) وكان من يعارض التأميم فيه ينظر إليه أما خائن أو مخبول، والآن أنقلب الأمر رأساً على عقب، وأصبح من يعارض القطاع العام يصور على أنه أما شخص يعمل ضد مصلحة الوطن أو شخص سيطرت عليه الأيديولوجية لدرجة الخبل. فليكف عن الكلام في مجالس المزايدات عن مساوئ القطاع العام (بصفة عامة) ومزايا القطاع الخاص (بصفة عامة)..!

 

–           أحياناً يكون من الصعب على الإنسان مواجهة الحقيقة، وخاصة إذا كانت شديدة المرارة، وبنفس القدر يكون من الصعب على الإنسان أن يكتشف (زيف) الحلم الكبير أو ضياعه، ومن الوجهة الإنسانية المحصنة، يكون على (أصحاب الطريق) أن يعذر بعضهم بعضاً، ويقدروا التموجات النفسية التي تعتري (مخالفيهم) في الرؤية والفكر، طالما أحسن بعضنا الظن ببعض، وطالما آمنا بالحقيقة الفطرية والموضوعية القائلة بأن (العصمة) لم توهب لبشر قط لا يأتيه الوحي بخبر السماء..! فدعونا نعترف – مرّةً- بأن النهضة العربية الحقيقية لم تولد بعد، وأن (خيل) التنوير ما زالت (رابضة) في حنايا هذه الأمة، تنتظر فرسانها، فهل من فارس؟

 

–           الإنسان (حيوان) كل ما في الأمر أنه لم يجر تصنيفه بعد، الحيوانات لا تفعل أكثر من أنها تلبس أقنعة، وتعلق بعض الشوارب والذيول، وتتظاهر بعدم الكلام ولكنها في لحظات الرغبة والغضب تنزع هذه (الأقنعة) وتتحول إلى أناس حقيقيين بكل ما فيهم من (وحشية) وضراوة، فهي تتظاهر بالوداعة أحياناً، وبالرقة في أحيان أخرى، ولكن الإنسان (الرابض) في أعماقها لا يهدأ، ولا يستكين أبداً..! اللعبة مكشوفة أذن، كل الذين يضعون كتاباًَ عن أصناف الحيوانات وعن عجائب المخلوقات أنما يكتبون عن ذواتهم (الخفية) وعن الذين أحبوهم بوله، وكرهوهم بعنف..! عجائب هذا الزمن لا تنتهي، فسبحان الذي سوى كل شيء وجعل أعجوبته الكبيرة هي الإنسان.