زرع المقدسات في الأرض أو إنزالها من السماء ومنحها لشعيطة ومعيطة هو الغيث الذي يسبق سقوط زوابع الفاشية والشمولية والإرهاب بكل انواعه. الأحزاب الشمولية وفي طليعتها الإسلاموية وميليشياتها هي اول من يبتلي الناس بمسميات مقدسة ما انزل الله بها من سلطان. يحرّمون عليك لفظ اسم ما أتوا به من مقدسات اصطناعية او كتابته دون شروط صارمة: شحدّه الذي كان يمر على اسم الرّيس دون ان يقول "حفظه الله"؟ وعبيد الجهل وفارغي العقول من أكثر المخلوقات ابتكاراً للمقدسات الاصطناعية وحرصا على طشها في طريق الناس لتكون ألغاما عشوائية تنفجر بوجه كل ذي رأي حر او صريح. لست بصدد الدفاع عن إياد علاوي لأني غير معني بمن لا يفكر بالدفاع عني كمواطن على الأقل، لكن الرجل لم يقل كفرا حتى يهاجم من ذوي "المقدسات" لأنه قال لجريدة "الشرق الأوسط" يوم أمس ان "الناس عندما يتعرضون لمشكلة يلجأون الى مليشيات لحلها بطريقتها ولا يلجأون الى السلطات الحكومية". اسألكم يا عراقيين هل كذب علاوينا؟ قبله انتقد مسعود البارزاني معاهدة "سايكس بيكو" التي حتى الذي اقرها يعترف بجورها وقلة انسانيتها. ولأن الانتقاد صدر عن شخصية لا يحبها كاظم الصيادي وتكرهها حنان الفتلاوي صارت المعاهدة مقدسة هي الأخرى. الأول اتهم العبادي بانه لا يعرف ما يدور خارج الخضراء لأنه لم يرد على من هاجمها، والثانية حذرت ساسة العراق من "وضع النعامة"، الذي يبدو انه تطور نوعي لــ "وضع الانبطاح" السابق، وذلك احتجاجا منها على صمتهم حيال من دنّس قدسية المعاهدة. أقول لهما، بإخلاص: يا صاحبيّ أما حسبتما ان بالعراق عقولا لا تعتمدكما أبا وأما روحيين مثل "مختاركما"؟ بل تستنير بأصحاب الفكر الحر مثل الفرنسي بيير جان لويزا الذي وصف حال الشيعة والاكراد في ظل دولة العراق التي أنشئت وفق تلك المعاهدة بقوله " اما قادة الشيعة الذين حملوا السلاح وتصدوا للانتداب الانجليزي بالقوة فانهم حرموا من السلطة وهمشوا وقمعوا .. وأما الأكراد فكان من سوء حظهم ان البترول اكتشف في منطقة كركوك في تلك الفترة. وهذا ما دفع الانجليز الى الاهتمام بمناطقهم وضمها بالقوة الى الدولة العراقية الوليدة. وهكذا تشكلت الحدود الاصطناعية للعراق وتشكلت دولة ضد رغبة ثلاثة ارباع سكانه على الأقل". ابقوا يا ارباب "المقدسات" المصطنعة كما الدجاجة التي تبحث وترمي التراب على رأسها، كما كانت تقول امي رحمها الله.
|