الدباغ والعلم للجميع

 

 تطرقت في مقال سابق الى اهمية العلم في عودة المجتمع الى الطريق الصحيح والى مجاراة الدول المتقدمة التي تقدمت اشواطاً كبيرة في التطور العلمي والثقافي والحضاري .اليوم سنتطرق الى ومضةً من ومضات الماضي القريب والتي كانت تولي اهمية للعلم والعلماء وتعتنى بالمخترعين الشباب الا وهي برنامج ” العلم للجميع ” ومقدمه الشهير الاستاذ كامل الدباغ فمن هو الدباغ؟ .انه كامل ادهم الدباغ ولد في مدينة الموصل عام 1925م وتوفي في العام 1995 م وتلقى في مدينته الام دراسته الاولية وحصل على بكالوريوس في العلوم من دار المعلمين العالية عام 1947م وعين في وظائف تدريسية وادارية واسهم في العديد من المؤتمرات العلمية والتربوية في كل من القاهرة وانكلترا والمانيا ويوغسلافيا واسبانيا وشارك في تأليف الكثير من الكتب العلمية في الفيزياء لمدارس ومعاهد عراقية وايضاً ساهم في تأليف كتباً لهواة الكهرباء والراديو بلغت مولفاته (30) كتاباً علمياً مبسطاً للاطفال والاحداث كما وترأس مجلة العلم والحياة من عام 1968م  – 1978م .عاد الدباغ من اوربا بعد اكمال دراستــه عام 1960م وهنا لاحظ خلو التلفزيون العراقي انذاك من البرامج العلمية والثقافية فكتب رسالة الى تلفزيون بغداد مفادها استحداث برنامج يعنى بالعلم ويشجع على الابتكار والاختراع فحصلت الموافقة على ذلك شريطة ان يعده ويقدمه هو بنفسه وتم ادراج البرنامج الاسبوعي على منهاج التلفزيون فاختار اسماً له ” العلم للجميع ” وبثت اولى حلقاته بتاريخ 28-9-1960 واستمر بعد ذلك دون انقطاع الى غاية 11-3-1994 حيث عرضت اخر حلقاته اي قرابة اربع وثلاثين عاماً من الابداع والعطاء المستمر والمتجدد وكان البرنامج يعرض كل يوم اربعاء من الاسبوع .كان المرحوم كامل الدباغ مولعاً بالعلم والمعرفة وبقراءة الكثير من الكتب العلمية والادبية ودواوين الشعر حيث كان موسوعي المعرفة واسع الاطلاع وعلى دراية كافية بما يتطلبه تقديم البرامج عبر شاشة التلفاز .كان بحق رائداً من رواد الثقافة والعلم في المجتمع العراقي على مدى اربعة عقودً من الزمن نشر فيها الوعي العلمي والهم الكثير من شباب العراق بما اثاره عندهم من حب العلم والثقافة والمعرفة وكان الحافز الرئيسي لهم في الوصول الى المراكز العلمية المتقدمة داخل وخارج البلد .

 

كما تميز رحمه الله برعايته للموهوبين والمخترعين من الشباب واحتضانه لطـاقاتهم الابداعية ورعايتهم وتقديمهم الى الجمهور .وهنا لابد لنا من وقفة على الحاضر وان نستفيد من تجارب الماضي فما احوجنا اليوم الى رعاية تلك الطاقة الشبابية الابداعية المتفجرة عند الكثير من شبابنا المبدع للنهوض بالواقع العلمي وبالاختراعات والاستكشافات التي من شأنها ان تسهم في تطور المجتمع وزيادة الوعي العلمي والمعرفي لدى الشباب وما احوجنا الى دباغ جديد يقدم لنا العلم لننهل من معينه جميعاً دون استثناء وليبدع من يبدع ويتعلم من يتعلم وليطلع اخرون .