الحرب العالمية على داعش بين المنجزين التكتيكي والستراتيجي |
منذ آب اغسطس2014 وحتى الان يشن التحالف الدولي حربا” على تنظيم داعش استهدفت ضرب مقرات وقطعات وطرق مواصلات التنظيم في كل من العراق وسوريا ، باستخدام الضربات الجوية بالطائرات القاصفة فضلا” عن استخدام التحالف الدولي لقوات العمليات الخاصة في بعض العمليات التي استهدفت القضاء على قادة التنظيم الارهابي ، أو لجمع معلومات استخبارية ، او لتحرير بعض الرهائن أو السجناء الذين يحتجزهم داعش في كل من العراق وسوريا . فبعد مرور عام على بدء التحالف الدولي عملـــــياته الجوية ضد داعــــــــــش الارهابي في 2014/8/7أعلنت القيادة المركزية لقوات هذا التحالف، تنفيذ خمسة آلاف و946 غارة جوية على مواقع التنظيم في العراق وسوريا. ان نتائج العمليات العسكرية والضربات الجوية المحدودة هنا أو هناك سواء في العراق وسوريا والتي تتمثل بتحرير مدينة أو منطقة أو عبور مانع مائي أو جبلي ، كلها تعتبر انتصارات تكتيكية نسبية يحاول الزعماء السياسيون والقادة العسكريون الميدانيون استثمارها أو استخدامها وسيلة لإقناع الرأي العام المحلي والخارجي بأنّ تحقيق بعض الأهداف هو نصر في حد ذاته، على الرغم من التكاليف المادية والبشرية والمعنوية المدفوعة مقابل تلك الأهداف الجزئية المتحقِّقة. وحتى بعد أن دخلت روسيا الحرب بثقل كبير ضد تنظيم داعش الارهابي في سوريا ، فان المؤشرات الميدانية على صعيد الحرب الدولية او العالمية ضد التنظيم تدل على أن تحقيق النصر الستراتيجي على تنظيم داعش والمتمثل بالقضاء عليه نهائيا” ، أصبح غاية يصعب تحقّقها ! اذ أن الواقع الميداني العام في ساحة الحرب يشير بوضوح الى أن تنظيم داعش الارهابي يتمدد بقوة خارج سوريا والعراق وبدأ يوجه ضربات قوية في عدة بؤر جديدة منها فرنسا وليبيا ومصر ولبنان واليمن وقبلها الكويت والسعودية، ثم في أفريقيا وجنوب اسيا في أندونيسيا بل وحتى في امريكا في كاليفورنيا..! مما يثير التساؤل عن جدوى عمليات التحالف الدولي ضد داعش والنتائج التي أسفرت عنها غارات التحالف الدولي ميدانيًا ، بعد أن تحولت المعارك لساحات مفتوحة ومتنقلة من حيث المكان والزمان. . وأن ادعاءات النصر والتقدم التي يطلقها قادة ورموز التحالف الدولي ومعهم قادة الدول المشتبكة مباشرة مع تنظيم داعش الارهابي ، حقيقية أم هي محض ادعاءات فارغة في اطار حرب هجينة غير نمطية مكلفة ومرهقة قد تأكل الأخضر واليابس إذا استمر العجز والتلكؤ الدولي عن حسمها ووضع نهاية سريعة وواضحة لها ، مع استمرار تمدد داعش في بقاع مختلفة من الشرق الاوسط ! فتنظيم داعش تمدد ووصل الى شبه جزيرة سيناء وبات يهدد خطوط الملاحة البحرية والجوية العالمية وتمكن من اسقاط طائرة ركاب روسية فوق سيناء ! كما أن داعش الارهابي يتمدد بشكل سريع وخطير في عدد من مدن الهلال النفطي الليبي مثل درنة و سرت و منطقة النوفلية وميناء السدرة، ورأس لانوف مما سيشكل تهديدا” استراتيجيا” للملاحة البحرية في منطقة خليج سرت والبحر المتوسط وجنوب القارة الاوربية ، هذه التهديدات دفعت التحالف الدولي لتحشيد وانزال قوات برية في ليبيا لمواجهة هذا التهديد الجديد الذي تشكله جبهة ليبيا الداعشية ؟ وفي ديسمبر كانون الاول 2015 نشرت صحيفة اندبندانت البريطانية ، خريطة ترصد تنامى تأييد الجماعات المتشددة في العالم لتنظيم داعش ، حيث أعلن 42 تنظيم مسلح في عدة دول تمتد من الفلبين إلى مصر. وأشارت الصحيفة إلى أن الخريطة، التي أصدرتها وكالة Statista للإحصاءات، توضح أن 30 جماعة أعلنت ولاءها بشكل رسمي كمبايعة لداعش ، بينما أعربت 12 جماعة أخرى عن دعمها وتشجيعها التنظيم، بحسب تقرير مؤشر الإرهاب العالمي. فأنصار الشريعة في ليبيا، وتنظيم عقبة بن نافع في تونس، وأنصار بيت المقدس في شبه جزيرة سيناء، والحركة الإسلامية في أوزبكستان، وجماعة ابوسياف في الفلبين، وأرسلت فصائل منشقة عن القاعدة وموالية لداعش في أفغانستان وباكستان مقاتلين لجبهات قتال التنظيم في سوريا والعراق، كما ان تنظيم جماعة بوكو حرام سبق وأعلنت ولاءها لداعش ، وتشارك معه بكثافة في التدريبات المسلحة، والتمويل، ووسائل التواصل الاجتماعي، ومثله فعلت حركة الشباب الصومالية، فضلا” عن الجماعات المؤيدة لداعش في الجزائر وقطاع غزة . في وقت أظهر مؤشر الإرهاب العالمي الذي يصدره المعهد الدولي للاقتصاد والسلام، لقياس نطاق وتأثير الهجمات الإرهابية حول العالم، في تقريره، الصــــــــادر في نوفمبر 2015 إلى أن الإرهاب العالمي وصل إلى أعلى المستويات ومستمر في التصاعد بوتيرة غير مسبوقة.! واذا كان تحالفات دولية فيما مضى بقيادة الولايات المتحدة قد تمكنت من حسم حروب عديدة سابقا” في ليبيا، وكوسوفا ، وافغانستان والعراق ! فان التحالف الدولي ضد تنظيم داعش يبدو اليوم بعيدا” عن تحقيق نصر استراتيجي حاسم في المستقبل المنظور على تنظيم داعش الارهابي ! حيث أن الحديث عن تحقيق انتصار استراتيجي على تنظيم داعش سيتطلب الإجابة عن سؤال منهجي مهم : هو عن ماهية معايير النصر الاستراتيجي الحاسم وما هي دلالاته ؟ وهو أمر سيبقى عرضة للتقييم بعد أن غاب الحسم في هذه الحرب الهجينة وغير النمطية بشكل واضح ، ومن ثم أصبح تقدير النصر تكتيكيا” كان أم استراتيجيا” ، فيها أمرا” نسبيًا لا مطلقًا” ، مما يتطلب اليوم مراجعة شاملة للاستراتيجيات والخطط والتصورات والقرارات التي وضعت لإدارة الحرب ضد تنظيم داعش الارهابي . |