منذ سنوات والحديث يتزايد عن أزمات العراق وفشله السياسي وفساده الإداري والمالي، الذي زحف لبقية مناحي الحياة ويفسدها ويخربها سلوكيا ً وقيميا ً واخلاقيا ً . الواقع العراقي ينوء بمعطيات ثقيلة في تراجع وانهيار كل شيء ، وبما يجعله متفوقا ً على كل ماكتب ويكتب، واقع صادم وعدائي على نحو لم تشهده الحياة العراقية في أسوأ مراحلها انحطاطا ً...! كثيرون كتبوا مشخصين الأزمات وراصدين مظاهرها وآثارها الوخيمة على الوطن والمواطن ، مقالات ودراسات نقدية لاتحصى تصدت للواقع العراقي بجرأة وعيون مبحرة في الأعماق ، تساقطت أزاءها العديد من أوراق التوت التي كانت تغطي ( السيد) فلان و(الشيخ) فلتان والسياسي (علان) وشعارات الأحزاب والتيارات الاسلامية التي خدعت فقراء العراق بأسم الدين والطائفة ..! كذلك الأحزاب الأخرى التي حذت حذوها في المتاجرة بأرواح العراقيين وثرواتهم باسم الديمقراطية والحرية ، وبالأخير لم يقبض العراقي سوى الإفلاس والتهجير والنزوح و" داعش" ، اضافة للخوف من الحاضر المرعب والمستقبل المجهول . الآن وقد " تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر " تضع الغالبية من الناس على حافة السؤال عن الحل ، فلا يمكن للحياة ان تستمر في حرائق البؤس والخسائر والمهازل وعتمة المجهول، بإستسلام يناظر الموت . ثلاثة عشر سنة مضت من دوامة الموت والحروب والخراب ، تعاقبت فيها خمس حكومات ، اثنان انتقالية ومؤقتة ، وثلاثة انتخابية ، كلها كانت عقيمة ولم تنتج حلولا ً أو معالجات لأيسر الأزمات والمشكلات ، بل كانت حكومات تبحث عن أي فرصة لاشعال الحرائق وصناعة الأزمات وفرص الموت ، خصوصا ً حكومتي نوري المالكي . هذا التقديم يعطي لنا دلالة واضحة وأكيدة بأن استحكامات الوضع العراقي بيد احزاب حاكمة متنفذة ، تملك الثروات والمال والمؤسسة الأمنية والميليشيات ، وهي تعمل وفق قانون التخادم مع بعضها، حتى وهي متقاطعة أومتنافسة مع بعضها ، والتهديد للواقع السياسي يعني تهديد الجميع ، ولأن الجميع قد شارك بالفساد ونال حصاده المثير ، فالجميع يحرص على بقاء الحال كما هو عليه، الفساد يحمي نفسه ، ودورة الانتخابات محكومة بالتزوير ومفوضية انتخابات تمثل ارادات الأحزاب المتغانمة على السلطة ، ومدعومة بأموال السحت الحرام وامواج التخلف الطائفي وتوزيع الأموال والأراضي والوظائف ، وقضاء هش مقاد سياسيا ً ..! اسطوانة تدور كل اربع سنوات وهي تلامس أيسر احلام فقراء الوطن وخداعهم بوعود كاذبة ، واصوات طائفية مجرمة . الآن بعضهم يتطلع لإحتلال امريكي جديد لتغيير الوضع السياسي ، والآخر ينشد وضع العراق تحت وصايا دولية ، كونه قاصر غير قادر على ادارة شؤونه وحماية مواطنيه ..الخ . الحل كما نرى، ينبغي ان يتدبره ابناء العراق ونخبه الطليعية من الوطنيين الأحرار ، وبدعم شعبي من جميع قطاعات الشعب، في برنامج عمل سياسي تنظيمي موسع ، يعلن اهدافه الوطنية صراحة، ويضمن تغييرا ً شاملا وعميقا ً..! السؤال الآن؛ اذا تقدم هذا البرنامج هل يجد من يؤمن به ويؤيده من النخب والجماهير..؟ أم الجميع بانتظار حلول سحرية جاهزة ..؟
|