في تصريح سابق للسيد وزير الصناعة أوضح فيه أن موازنة وزارة الصناعة الاستثمارية في موازنة 2016 سوف تكون صفراً ! نعم إنها “الصناعة الصفرية”، نوع جديد ومرحلة جديدة من التصنيع في وطننا، فطوال السنوات الماضية لم تستطع الحكومات من توفير بيئة صناعية لها القدرة على الوقوف بوجهة الازمات الاقتصادية الخانقة التي تطال الاقتصاد العراقي اليوم بفعل التخبط في وضع الستراتيجيات الصناعية التي تتناسب والموارد الأولية العظيمة المتوفرة لها في أرضه المعطاء، أعمتنا السياسة والبحث عن المناصب والفساد الذي طغى فأصبح الصنعة التي اتقنها الكثيرون ولكنها الصناعة الخاسرة في تأريخ العراق بل هي من ستسود تأريخه يوماً. مئآت الآلاف من العاطلين من حملة الشهادات الجامعية والفنية وبتخصصات مختلفة تفانوا في الحصول عليها على أمل أن تساهم الحكومة في أيجاد موطىء قدم لهم في السلم الوظيفي الحكومي على طريق المستقبل، تخصصات هندسية وعلمية تلقفهم الشارع واستهدفت البطالة مستقبلهم حينما عجزنا، بقصد ابو بدونه، عن الاستفادة منهم في بناء وطنهم ولنقترب منهم قليلاً في تحقيق طموحهم في تحويل دراستهم الاكاديمية الى واقعها العملي، ترى كم سنة ستمر على أولئك الخريجين حتى يدخلوا مراحل العمل ولن ينسوا ما تعلموه في جامعاتهم ومعاهدهم والتهديدات مستمرة والموازنة أُفرغت من الدرجات الوظيفية والمؤسسات العلمية على اختلافها تضخ عاطلين الى أرصفة الانتظار المؤلم. بنظرة سريعة لواردات العراق خلال السنوات العشر الأخيرة؛ نقف مذهولين أمام ما كان من الممكن أن يقوم به العراقيون من عمل جبار بإستغلال الإيرادات العالية التي دخلت العراق حين بلغ ما باعه المركزي من العملة الصعبة 313 مليار دولار خلال الأعوام 2006 – 2014، حسب تصريح لرئيس اللجنة المالية في مجلس النواب السيد أحمد الجلبي، في نيسان الماضي، وهو يعادل 57% من مجموع واردات النفط البالغة 552 مليارا! وأضاف الجلبي في حينه ان “البنك المركزي قام سنة 2009 فقط ببيع 92% مما دخل للبلاد من واردات النفط”. وفي تصريحه ذات مرة لأحد الصحف المحلية أكد مستشار رئيس الحكومة للشؤون الاقتصادية السيد مظهر محمد صالح بأن العراق يستورد ما قيمته 75 مليار دولار سنوياً الكثير منها “لا قيمة لها” ما يشكل استنزافاً لأمواله، وهذه جناية أخرى ارتكبناها بحق أبنائنا، اموال تباع في مزاد العملة لينفقها التجار على الاستيرادات “المنفلتة” والتي قامت بدورها بدق المسمار الاخير في نعش الصناعة الوطنية، الميتة أصلاً. قد لانتمكن من تصنيع معدات الكترونية أو صواريخ عابرة للقارات أو محطات فضائية أو حتى سيارة “سايبا” ولكننا قادرون على نقل تكنولوجيا تصنيع معدات مهمة تساعد على سد الثغرات الاستيرادية في مستويات الاستهلاك المحلي لها كمصانع الأغذية على سبيل المثال وهي ليست بتعقيد صناعة السيارات من حيث القوالب والمكابس وغيرها من خطوط انتاجية كبيرة لانجرأ على الدخول في مجالها لكون الاخرين قد سبقونا بعقود عديدة فيها ولن نستطيع مجاراتهم. لقد أصبح العراق سوقاً لمنتجات الدول المجاورة على الرغم من المقومات الكبيرة من الموارد البشرية والمالية كانت متوفرة بشكل كنا قادرين في حينه ومع مئآت المليارات من أن نضع العراق على خارطة التنافسية العالمية في أي مجال صناعي، ولكننا وبشكل غريب لم يكن لدينا تخطيط واضح في هذا المجال فلو كانت لدينا الرؤية لإنشاء مصنع واحد كبير فقط كل عام لكانت لدينا اليوم عشرة مصانع في وقت كان لدينا ما يقارب النصف ترليون دولار كان بإمكانها بالاستثمار أن تكوّن قيمة مضافة كبيرة لموازنتنا التي نجاهد بالتقشف لدعم ثباتها. انه قرشنا الأبيض الذي أضعناه في حينه وجعلنا نبحث الدعم لموازنتنا في يومنا الأسود هذا، لا أطال الله ليله علينا. حفظ الله العراق.
zzubaidi@gmail.com الاتحاد العراقية |