الكاتب: كريستيان كريستنسن الصحيفة: الغارديان الترجمة: الاتحـــــاد
هل هناك خطر على نسيج المجتمع أخطر من العنف الجسدي على أساس العرق أو الجنسية أو الجنس أو الانتماء السياسي؟ الصور الأخيرة عن الشبان الذين يرتدون أغطية وملابس سود، ويجوبون شوارع مركز ستوكهولم، يبحثون عن "أطفال من شمال افريقيا "، "لمعاقبتهم" هذه الصورة مجرد وجودها تذكر السويد والعالم بأسوأ مما في التاريخ الأوربي من عنصرية. لجأ الناس من فورهم إلى مواقع التواصل الاجتماعي للتعبير عن صدمتهم، هل يمكن أن يحدث هذا في بلد مثل السويد؟.. رجال ملثمون في ستوكهولم يهددون "بمعاقبة" أطفال لاجئين اعتاد العالم على رؤيته لهذه الصور المأساوية، ولكن ليس في السويد، وهي بلد ذات سمعة عالمية في المساواة، والاعتراف بحقوق الإنسان ودعم العدالة الدولية. مع القيود على عدد اللاجئين في أواخر عام 2015، وإلأعلان عن إرجاع ما يصل إلى 80،000 من طالبي اللجوء إلى بلدانهم الأصلية، والآن التهديد بالعنف في الشوارع، تشوهت صورة البلاد باعتبارها معقلا للتسامح والتقدمية السياسة. ومن غير الواضح ما إذا كان بالأمكان استعادتها. عندما تحدت أعداد هائلة من اللاجئين والمهاجرين البحر المتوسط بحثاً عن حياة أفضل في العام الماضي، أخذت السويد ما يقرب من 200،000 منهم. وهذا الرقم بالنسبة لأمة من عشرة ملايين كبير جداً. لقد فضحت السويد العديد من البلدان الأوروبية الكبيرة التي ادعت أنها لم تكن قادرة على المساعدة. وضربت السويد بهذا الصنيع مثالاً متوهجاً عن الديمقراطية الاجتماعية السويدية. وهذه ليست المرة الأولى. بعد قصف العراق قبل عقد من الزمن، أخذت السويد أعداداً هائلة من اللاجئين العراقيين، في حين قبلت الولايات المتحدة عدداً ضئيلاً من سكان البلاد التي دمرتها. بعد ان دعمت الولايات الإطاحة بسلفادور الليندي المنتخب ديمقراطياً في شيلي في عام 1973، وقام نظام أوغستو بينوشيه الوحشي، قبلت السويد لاجئين سياسيين من ذلك البلد، والقائمة تطول. جهود السويد الإنسانية الأخيرة مع اللاجئين السوريين - تبخرت بسرعة، وحلت محلها صورة بلد لايختلف عن زملائه الأوروبيين. قد لاتكون هذه الصورة عادلة تماماً (ماتزال السويد واحدة من أكبر مقدمي المساعدات الخارجية في العالم بالنسبة لحصة الفرد الواحد)، ولكن - كما هو الحال مع العديد من البلدان - الكثير من الصور في السويد خليط من الحقائق وأنصاف الحقائق والأساطير. عندما دخل اليمين المتطرف، المعادي للمهاجرين، لأول مرة البرلمان في عام 2010 بحوالي 5،7٪ من الاصوات، وصفوا كثيرا منها بأنها ليست أكثر من-قضية واحدة "حزب احتجاج". بعد ست سنوات، لديهم أكثر من 18٪، في حين أن الحزب الديمقراطي الاشتراكي - حزب رئيس الوزراء المقتول أولوف بالم - راوح عند 23٪. ان الفكرة التي تقول بأن الفرق ينهما مجرد خمس نقاط مئوية فقط تبدو سخيفة جداً. هذه أزمة اجتماعية وسياسية ووجودية بالنسبة للسويد. في حين أن عدد أفراد العصابة الباحثين عن "غير السويديين" لمهاجمتهم في ستوكهولم قبل بضعة ليال، كانوا فقط 100 فرد، الا ان أعمالهم ترددت أصداؤها في أنحاء البلاد والعالم. الاقتصاص والعنف في الشوارع مزعج في العديد من المستويات. انه مثير للقلق لأنه يشير إلى أن مجموعات من المواطنين قد تخلت عن اعتقادهم في فعالية النظام الديمقراطي، وقررت أن تمرغ القانون بأيديها. وهو مثير للقلق لأنه يشير الى التخلي عن النقاش والجدل واختيار القوة الغاشمة. وهو يشير إلى التآكل المحتمل للقواعد الاجتماعية والأخلاقية التي كان المواطنون العاديون يعملون بها في حياتهم اليومية، والتي مكنت مجموعات كبيرة من الناس على العيش معاً في المدن.هذه ليست السويد التي يعرفها العالم. هذه ليست السويد التي يعرفها العديد من السويديين، هذه السويد لا أحد يعرفها.
|