طريق مسدود .. أخيراً !

مودة ان يتظاهر موظفون، ضد مجرد مديرعام، او رئيس مؤسسة حكومية بسبب تأخر راتب نهاية الشهر، مودة قد تتحول لظاهرة تتسع الايام المقبلة للتوعد من مسؤولين صغار هم في النهاية موظفين ايضا ينتظرون رواتبهم، مع ان الناس تعرف كل شيء وتعرف انها تعيش في وطن مفلس، صار منذ الآن يوزع رواتب رعاياه بقلق ويتحصل عليها من كف عفريت!!..
تحذر الحكومة على مختلف مستوياتها دائما، من اننا امام طريق مسدود وان"الدولة" عاجزة وعلى وشك الافلاس ، رغم ان التذكير بهذه الحقيقة لايقدم او يؤخر، حيث لاحلول. سئلت منذ فترة هل كان على الحكومة مثلا ان تنبئ الناس كي يستعدوا للامر قبل ان تكثف حملتها الاعلامية للتذكير بالمصاعب القادمة التي تواجههم؟ اشرت الى انها  ليست ملزمة في ان تصدر مانفيستو سياسي عنوانه ازمة الرواتب المقبلة، والا فهي اعلنت مايشبه الافلاس منذ مدة طويلة، حد انها صارت فعلا حائرة في توفيرها نهاية كل شهر، لكن هل هي بريئة؟، اعني كل الطبقة السياسية السائدة والمتحكمة، طبعا لا.
 تخبط الحكومة السابقة وهدرها للاموال بسهولة، وتصاعد حجم انفاق الحرب على داعش حتى الآن، وتواصل هبوط اسعار النفط  بشكل مريع، كل هذه بمثابة "اعلانات" مجانية مسبقة ودليل واضح على اننا سنفلس، ومع ذلك فان التذكير باننا مفلسون، شيء مخيف، ومرهق للاعصاب،  ومع ذلك نتظاهر.
تنسى الناس دائما البدايات، وكيف تم اهدار تلك الاموال الطائلة بلا وجع، اوعلى الاقل كيف لم يجرِ الاستعداد جيدا لهذه الايام السود، لكن ذاكرة الناس ضعيفة، ومع اني موقن ان ثمة "خيانة" سياسية ورعونة اوقعت المواطنين الموظفين في هذا المقلب منذ ان علمتهم  على عادة الراتب الى هذه الدرجة في سابقة لم يشهدها تاريخ بلد، حد ان تحتج "النخبة"  قبل غيرها من المواطنين: اساتذة جامعات، مدرسون وموظفون كبار في الرئاسات على سبيل المثال، بخصوص تقليل الرواتب، اوتأخرها، حتى لو كانت هذه الامتيازات  الداخلة ضمن الرواتب والممنوحة لمعظمهم غير مبررة من الاساس، بل وترقى لدرجة الفساد"المقنن"، الا انه من النادر اليوم ان يعي احد وسط هذه الاحتجاجات كيف مشت امور "دولتنا" العتيدة من البداية، او يراجع احد ما ولو للتسلية، حجم الانفاق والتبذير والسفه الحكومي في التعامل مع الاموال، مقابل الكسل الشعبي العام  والاستهلاك الواسع والمتخلف للاشياء عند الناس، للسيارات والاثاث والحاجات الثانوية، والسلع الاستعراضية، بما فيه، وبسببه، النمو الهائل لعدد المولات ومراكز التسوق، ولازدياد عدد معارض السيارات وكذا المطاعم بشكل غير مسبوق، بذيء، ومفتعل، اقصد كل هذه الاشياء الفجائية بوصفها علامات دالة على خبل الاثنين ورعونتهما، الحكومة والناس في التعامل مع المال.