فالنتاين في النجف

النجف لم تعرف فالنتاين كاسم يرمز ليوم أممي عن الحب إلا في زمن العولمة. الحب يدركهُ الشيعة في ولائهم الروحي لأهل البيت. لهذا عيد الحب الجديد هذا يلبسونه قميصاً أسودا ليبكوا مع فعل ابن ملجم المشين ويؤسسوا في الانترنت موقعا لحب علي (ع).

كم أتمنى وأنا المتشكل بعاطفة الصباح الأوربي أن أستعيد كلمات غوته في صلاة جمعة الجامع الطوسي والقائلة: كان محمد يصنع شرقا رائعا من حب الله… فقط لأقول لحفاة ساروا مئات الأميال ليقولوا لضريحك المعطر بالورد: لقد جئناكَ… تركنا بيوتنا بلا مواد البطاقة تموينية… وكان الأجدر بنا أن نحمل مع القبلات على ضريحك ورودا حمر…

تقع المدينة قرب بحر جف. وأديرتها النصرانية لا تحصى. وهذا يعني أن لفالنتاين اليسوعي فيها اثر غابر، وله فيها اشتياق حلم يتدفق من خلف الشباك المسدود.

ثمة إيقاع لحرية عينيك أيها التشيع أن تخرج من قمقم الولاء للمظلومية وتقول للعالم: أنا وريثه هذا الذي ما أحب في نهج بلاغته أن تكون الدبابات تتنزه في شوارعنا وداعش، في يوم فالنتين تذهب نصارى من الموصل وسنة من تكريت وشيعة من النعمانية!

أعيد صياغة المشهد في عيد الحب. المشهد في صباح بارد حيث الآن فوق بيوت النجف آلاف الأطباق اللاقطة. الفضائيات تسكن يوم الناس هناك من روتانا حتى قناة الفرات، وبعضها يجاهر بصوت السبايا في حلاوة صوت باسم الكربلائي، وبعضها كما الخوف من رجل الأمن القديم يضع صوت أليسا في جعبته!

أنها مشكلة. يقول ساركوزي: أن تجعل برج إيفل عموداً كهربائياً مصباحه عاطل !

الآن كم أتمنى أن أصعد المنبر، وأن يسمح لي كي أقول لكم يا أبناء الخبز والقرآن ومقاتل الطالبيين: أن محنتكم مع الحلم تبدأ أولا من دموعكم، ومن أغاني الحرية، ومسك قبة الإمام، لتزيدكم بهجة وأنتم تصنعون لشيعتكم عولمة وردها أحمر من فالنتين دم شهداء حروبنا التي لا تحصى منذ احتراق أور ونهب خيام الحسين، وخواطر شهية هولاكو في بغداد حتى جبهات بحيرة الاسماك وعارضة ميمك وانتهاءً بحزن بتهوفن على نحيب امهات سبايكر، والمظلوم في كل هذا رب أسرة يعيش يومه دون أن يُسلبَ حقه ويعيش في عراء الحواسم!
النجف لم تعرف فالنتاين. ولكن عطر قبابها يصنع من لمعان ذهب الروح وردا لعشق حلم حضاري يقول في جمعته خطيب الجمعة: أجعلوا من الورد وسجادة الصلاة طلقة في وجه الارهاب والفاسدين