قالب الدنيا وشاغل الناس

 

الأمتار الأخيرة قبل خط النهاية في هذا السباق الانتخابي, مَن مِن المتاسبقين تختزن عضلاته الطاقة اللازمة للانطلاقة الحاسمة؟ من وزع جهده ورتب أوراقه وجهز لكل مفاجأة حلولها؟

وإن شئت الدقة، فكل انتخابات عراقية نزال ملاكمة، رياضة الفن النبيل، ولكنها في السياسة العراقية تتخلى عن نبلها وتنحدر حتى تصبح حلبة للقتال المفتوح.

قبل أيام شاهدت فلما (وثاقيا – تسجيليا facing ali) في غاية الروعة يتحدث عن محمد علي كلاي عبر من واجهوه في الحلبة. خصوم الأمس يتحدثون عنه بكل اعجاب اليوم. اتفقوا تقريبا على أنه، وفي أواخر أيامه في الرياضة، كان يتمتع بقدرة تحمل عالية، فكان يتحمل الضربات لجولات عديدة، إلا أنه ينقض لاحقا ليوجه لكماته, وكما هو معروف فقد اشتهر في بداياته بخفة الحركة وانه كان (يطير كفراشة ويهاجم كنحلة).

ترى من في السياسة العراقية يتحمل اللكمات حتى اذا قلت أنه سقط عاد ليهاجم ويضرب ويتحدى؟

(دون اشادة بأحد فلكل منهم مساويه وهو جزء من المنظومة التي انحدرت بالبلاد إلى هذه المهاوي السحيقة)، أهو المالكي؟ المالكي الذي كلما قال عنه الخصوم (إنه يسقط) واذا به يصمد؟ وفي هذه الحلبة ماذا عنا نحن الشعب؟ هل نحن الجمهورالمتفرج أم نحن من ينظف الحلبة أم أننا أكياس رمل لتمرين عضلات الملاكمي؟

عموما، المالكي وتماما قبل أسبوع من ساعة الحقيقة، بدأ بالحركة شخصيا لدعم مرشحي تياره, حركة بصورة مختلفة (يطير كفراشة)، فرغم أنه تلقى العديد من اللكمات التي كانت تبدو للمشاهدين بأنها ضربات قاضية، فقد نجح في امتصاص حدتها، وربما تكون البداية في هجومه المعاكس هو الحوار الذي بثته قناة العراقية مساء الجمعة.. الحوار الذي أطلق فيه رده الواضح بخصوص قضية حضوره من عدمها إلى البرلمان وانه سيأتي، ولكن هناك عواقب لمجيئه وهو أنه إن جاء فإنه (سيقلب الدنيا).

ثم انه ذهب إلى الخالص في زيارة ترويجية لأنصاره من المرشحين، ويشاع انه سيكون في الناصرية يوم الأحد (في زيارة للمدينة التي تخاصم على أبوابها الصدريون والحكيميون قبل أيام). ومن جانب آخر يحاور الأكراد ويهدئ معهم، بمعنى تحييد الكرد وتبريد خط الخلافات معهم لحين الفراغ من الانتخابات، فيما تتسرب أنباء عن قرب تشكيل (برلمان موازي) إن شئت, أو مجلس وطني عشائري, لا أشك بأن رئيس الوزراء سيدعمه بكل ما من شأنه تقويته بطريقة تقلل من تأثير سياسيي الكتل الأخرى في الشارع أو ربما هي حركة للالتفاف الجماهيري على المجلس النيابي.

المالكي بدأ باستهداف الخصوم (المحليين) أو أخوته سككاين الخاصرة, كتلة الأحرار تحديدا. المعركة ستكون محتدمة اذن وحرب الملفات قد تدخل مرحلة جديدة.

ترى هل سيقلب المالكي الدنيا؟ وكيف سيقلبها؟ ثم ان الدنيا مقلوبة في العراق تماما، وبقلبة أخرى لن تعود دنيا أساسا.

ترى هل سيكتسح خصومه، أو قل يتفوق عليهم بفارق مريح في الانتخابات المقبلة ليواجه تحديات بقائه الأخرى بقوة أكبر؟ هل نحن مقبلون على حلقة مفرغة جديدة؟ وهل سيكون الموضوع الأول للاختلاف بعد 20 نيسان هو (الطعن بالتزوير) في انتخابات المحافظات.

دعونا ننتظر وقانا الله واياكم انقلابات الدنيا وتقلباتها.