تشيتشولينا!

 

تشيتشولينا ممثلة إيطالية اشتهرتْ بأفلامها الإباحية رشحت نفسها أمس للانتخابات البلدية في إيطاليا، وكان برنامجها واضحاً مقتضباً صريحاً: الجنس حلاً لمشكلات العالم.

الممثلة نفسها كانت قد اقترحتْ على صدام حسين في عام 1990 أن تمارس معه الجنس مقابل انسحابه من الكويت، ولم يلق اقتراحها أذناً صاغية من لدن الرئيس الذي أعدم ولم يرَ تشيتشولينا، كما عرضتْ على الشيخ أسامة بن لادن العرض ذاته مقابل أن يوقف نشاط منظمته الإرهابية، ولم يوافق أسامة حتى ألقيت جثته في البحر وبقيت تشيتشولينا مؤمنة بحلها الوحيد الذي تراه منقذاً للعالم الغارق في مشكلاته المزمنة. وربما تتقدم هذه الأيام بعرضها لرئيس كوريا الشمالية الشابّ لتدارك حرب عالمية، ولا أظنه سيوافق.

لا ترى هذه الممثلة أبعد من اهتماماتها الأثيرة التي تملي عليها منهاجها لإنقاذ العالم، وهو منهاج يزدريه أغلب سكنة الكوكب، يشمئز منه كثيرون ويراه آخرون مدعاة للضحك، لكنه على أية حال المنهاج الوحيد الذي تحسنه، رغم منافاته للعرف والأخلاق ورغم فشله المؤكد حتى قبل تجربته.

نحن نعرف يقيناً ان صدام حسين لم يكن سينسحب طواعية لو انه لامس جسدها، ولا ابن لادن كان سينبت له جناحا ملاك إذا ما تغشاها، ولا الرئيس الكوريّ ذو الوجه الطفوليّ سيكفّ عن عنترياته إذا ما مكنته هذه الممثلة من نفسها. مشاكل العالم أعقد من جسد تشيتشولينا وأكبر من عقلها الذي يصوّر لها العالم كله معضلة، حلها الوحيد النكاح.

السياسيون يتقاتلون على مسائل لا يفهمها عامة الناس، فشهوة السلطة مثلاً لا تمثل شيئاً ذا معنى إلا لدى من جرّبها وأدمن عليها، ومراكمة أموال فوق أموال ليست دافعاً للقتل لدى البشر الأسوياء، لكنه لدى الساسة غاية يستسهلون معها صنع المذابح والقتل الذريع، والرأسمال الرمزيّ الذي يحوزه فلان الرئيس أو علان رئيس الوزراء لا يساوي قشرة بصل عند مليارات البشر إلا من أدركته لوثة التجبّر واستعباد الخلق.

هؤلاء الساسة يشبهون الآنسة تشيتشولينا تماماً في كونهم خلقوا لأنفسهم عالماً مكتفياً بذاته بأعراف وأخلاق خاصة، انقلبت عندهم الموازين كما انقلبت عند صاحبتنا، لذائذهم "وهي لذائد غير سويّة" تملي عليهم أن يروا العالم من هذا الثقب الذي هو السلطة وحبّ المال لذاته.

الفارق أن لذة تشيتشولينا لا تجبرها على ممارسة عنف من اي نوع، هي تقترح حلولها، وهي دائماً نفس الحلول الفاشلة، لكنها لا تتجاوزه إلى ممارسات تؤدي إلى مستشفى أو مقبرة، أما السياسيّ فان لذائذه التي تملي عليه برنامجه لذائذ ملأى بالعنف، ولو اضطرّ إلى إشعال حرب أهلية من أجل نيل مبتغاه لفعل عن طيب خاطر، ولو كان تقسيم البلاد يوفر له بقاء مؤبداً على سرير لذته لأحرق أخضرها بسعر يابسها.

تشيتشولينا تقترح على القادة الكبار حلولاً نشمئز منها ونزدريها لكنها غير مؤذية، فماذا يقترح علينا القادة أنفسهم، ليس إلا الويل والثبور وعظائم الأمور.

بالنسبة لي إذا دار الأمر بين سياسيّ من جماعتنا وبين تشيتشولينا سأختار أهون الشرور.

ماذا عنك أنت؟