تخويل الوزراء والمحافظين صلاحيات فرض وزيادة الرسوم والاجور |
أكدت وزيرة الصحة الدكتورة عديله حمود ، إن تفاقم الأزمة المالية في البلاد دفع الوزارة إلى استيفاء الأجور عن الخدمات الطبية والعلاجية لضمان استمرار الخدمات الصحية ، وذكر بيان للوزارة نشرته وكالة (المعلومة) إن الوزيرة ناقشت مع الوكيل الفني لوزارة الصحة إكمال التعليمات الخاصة بتنفيذ المادة 25 من قانون الموازنة الاتحادية للعام الجاري2016 ، والتي خولت الوزارات ومنها وزارة الصحة استيفاء الأجور عن الخدمات الطبية والعلاجية التي تقدمها المؤسسات الصحية للمواطنين ، معتبرة هذا الإجراء هو لضمان استمرار الخدمات الصحية من خلال إيجاد منافذ وموارد مالية جديدة ، وقد باشرت دوائر الصحة ومنها دائرة صحة الديوانية بتنفيذ القرار القاضي بفرض رسوم ومبالغ مالية في جميع المؤسسات الصحية على المراجعين ، وقال رئيس لجنة الصحة في مجلس محافظة الديوانية ( لوكالة النبأ ) إن المبالغ المضافة تعتبر رمزية وليست أجور حقيقية ففي السابق كان قطع تذكرة المراجعة يكلف المواطن 50 دينار عراقي أما الآن فأصبحت 1000 دينار، والأشعة في السابق كانت مجانية والآن 2000 دينار والتحليلات بـسعر 1000 دينار لكل تحليل وهذا الأجور لا تؤثر على المواطن العراقي كونها غير مكلفة لهم ، وان أجورا فرضت على إجراء العمليات الصغرى والوسطى والكبرى والعمليات فوق الكبرى ومبلغ مالي عن كل يوم رقود في المستشفى وغيرها من باقي الأجور كما موضح في الكتاب المرسل من قبل وزارة الصحة ، وتابع بان لجنة مشتركة ستشكل من وزارة الصحة ودائرة الصحة لتعديل بعض الأجور التي لم يتطرق لها القرار كأجور الرنين والمفراس وغيرها ، من جانبه بين محافظ الديوانية سامي الحسناوي إن الحكومة المحلية ملزمة بتنفيذ هذا القرار كونها واقعة بين أمرين لا ثالث لهما ، أما تنفيذه أو توقف جميع الخدمات الصحية في المحافظة كون وزارة الصحة لا تستطيع تقديمها بالمجان في ظل الظرف الاقتصادي الصعب الذي يمر به البلد . وعند الرجوع إلى المادة 25 من قانون الموازنة الاتحادية لسنة 2016 وجدنا إن نصها يتضمن : ( للوزارات كافة والجهات غير المرتبطة بوزارة والمحافظات ، صلاحية فرض رسوم أو أجور خدمات جديدة وتعديل الرسوم وأجور الخدمات الحالية ، باستثناء الرسوم السيادية وفق تعليمات يصدرها الوزير المختص أو رئيس الجهة غير المرتبطة بوزارة أو المحافظة ، لغرض تغطية النفقات ومستحقات السنوات السابقة لنفس الوزارة أو الجهة غير المرتبطة بوزارة أو المحافظة والمدرجة تخصيصاتها ضمن الموازنة العامة الاتحادية لعام 2016 ) . ويعد هذا النص واسعا لأنه يعطي صلاحيات للوزارات والدوائر غير المرتبطة بوزارة والمحافظات في إضافة أعباء مالية على المواطنين والشركات ليس لها حدودا معينة لأنها تخضع لتقدير المسؤول وربما من باب الاضطرار بهدف تعويض النقص في التخصيصات المالية ضمن الموازنة الاتحادية ، ولا نعلم كيف تم تمرير هذه المادة عند مناقشة قانون الموازنة الاتحادية في اللجان ذات العلاقة أو في جلسة التصويت ، فما تعنيه هذه المادة إن أي وزير ومحافظ من حقه أن يزيد الرسوم الموجودة وأن يفرض رسوما تحت مسوغ تغطية النفقات ، ولا يقف الأمر عند هذه الحد بل إن الصلاحية تتضمن تغطية مستحقات السنوات السابقة ومن يتحمل ذلك المواطن ، وان ذلك يعني إن من حق وزير التربية أن يفرض رسوما على الطلبة لقاء دوامهم في مدارسهم ، كما إن من حق وزير التعليم العالي إن يفرض رسوما على الطلبة ومن حق وزير الكهرباء وأمين بغداد والمحافظين أن يزيدوا أجور الكهرباء والماء والمجاري وأية رسوم أخرى يرتأونها ، وهو ما يجعل الأجهزة الحكومية أشبه بالشركات التجارية التي تستوفي ما تشاء على أسس غير معروفة ليس لها علاقة بالكلفة ولا حق المواطنة ، فالصلاحية مفتوحة والموازنة التشغيلية فيها قصور في التخصيصات ، وكل ما تحتاجه هو إصدار تعليمات من الوزير أو رئيس الدائرة أو المحافظ لكي تكون نافذة من التاريخ الذي تحدده التعليمات بحيث يقوم المواطن تسديد ما يترتب ما عليه من استحقاقات نظير حصوله على تلك الخدمات . وهذا النص ( المرن ) يتقاطع مع القاعدة القانونية التي تقول بأنه لا يجوز فرض أية رسوم أو أجور إلا بقانون ، فتم استسهال الموضوع ووضعت هذه المادة في قانون الموازنة ليقال إنها هي القانون الذي نصت عليها القاعدة وبشكل يوفر الإمكانية في سد ثغرات نقص التخصيصات في الموازنة بدلا من استخدام الكفاءة في الأداء ، كما انه يتناقض مع مبدأ وحدة الموازنة لتحديد حجم النفقات والإيرادات بوضوح في موازنة الأبواب التي تستخدمها حكومتنا الوطنية رغم وجود أنواع أخرى للموازنات لان هذا النوع لم تعد تطبقه أغلب الدول في العالم ، وهذا النص قد يتعارض مع نصوص الدستور حول حق المواطن في التمتع بالخدمات الصحية والتعليم وحقوق الإنسان وحقوق السفر والانتقال وغيرها من النصوص التي نتباهى بها والتي لم يتطرق لها نص المادة 25 كأن يقال ( على أن لا يتعارض ذلك مع الدستور ) ، مما يثبت بان إضافة هذه المادة قد تم من دون تمعن ومراعاة لظروف المواطن ، ومن دون مراجعة أو دراسة مستفيضة من قبل اللجان المختصة في مجلس النواب كاللجنة القانونية التي من واجباتها مطابقة أي تشريع مع أحكام القوانين والثوابت الوطنية والقانونية وغيرها من اللجان المعنية بشؤون البلاد والعباد ، ولسان حال بعض العراقيين يقول ما أسهل أن يتم إصدار قوانين تأخذ من الفقراء لتعالج نقص الموازنة ، في وقت ينعم فيه السراق بثروات غنموها بدون إعادة لها أو مساءلة للفاسدين ، إذ بدأت للتو لجنة للتدقيق باسترجاع الأموال المسروقة منذ سنوات في حين إن المادة 25 لقانون الموازنة تم نفاذها قبل نشر الموازنة في الجريدة الرسمية بعد ، رغم ما تحتويه من ضرر للفقراء . ونود التذكير هنا ، إلى ضرورة إدراك وتشخيص وتمييز الآثار الاجتماعية وغيرها من التداعيات عند فرض الرسوم والأجور أو زيادة ما يتم استيفائه لان الألف دينار التي يعتبرها البعض غير مكلفة قد تعني ما تعنيه لبعض العوائل العراقية المتعففة ، لان ذلك قد يؤدي إلى زيادة نسبة الأمية والتسرب من الدراسة والجريمة والمراضة والعنوسة والعزوف عن الزواج وتقليل نسبة الوفيات وغيرها من الحالات والظواهر التي لا يمكن حصرها وإحصائها ببساطة ، فالشعور بالضعف أو الظلم وعدم القدرة على الإيفاء بالمتطلبات الأساسية للحياة قد يشكل دافعا للفئات ( الهشة ) التي ربما تبحث عن مبرر للجريمة أو المخالفة والخروج عن المألوف ، كما إن منح الصلاحيات للوزراء والمحافظين في فرض وزيادة الرسوم والأجور يضيع النظرة الشمولية لمثل هذه القرارات ، فلو كانت القضية تنظم بقرار من مجلس الوزراء أو النواب فانه يناقش من وجهة نظر الجهات القطاعية فيظهروا تأثيرات تلك القرارات على الجوانب الأخرى في الحياة ، وقد جاءت هذه الصلاحيات في التوقيت المحرج حيث تم تخفيض الرواتب وتطبيق التعرفة الكمركية وإيقاف التعيينات وتقليص النفقات الحكومية التي تقلل الطلب الذي يؤثر على العرض وحركة الأسواق والأسعار ، وفي مثل الظروف التي يمر بها بلدنا من حيث انخفاض إيرادات الموازنة الاتحادية وانكماش الاقتصاد المحلي ، يجب إن نعطي الحافز للمحافظة على وسائل الضبط الاجتماعي لمنع الظواهر السلبية المتوقعة ، ولان هذه المادة موجودة في قانون الموازنة للسنة الحالية فما نتوقعه زيادة الأعباء المالية على فئات الفقراء ومحدودي الدخل لا في مجال الصحة فحسب بل في معظم الخدمات التي يحتاجها الجمهور ، آخذين بالحسبان ارتفاع نسبة الفقر بين السكان وان هناك أكثر من 3 ملايين نازح وإعداد كبيرة من العاطلين ومعدومي أو محدودي الدخل من الأيتام والأرامل والمطلقات والمظلومين . |