إستشارة خبير دولي بالقانون في إحدى قضايا الفسا

بسم الله الرحمن الرحيم


حينما تستشير عالماً وخبيراً متخصصاً في القانون وتحظى بدقته وتقييمه ودراسته للقضية من جوانبها المختلفة ، تشعر بالفخر والاعتزاز وبمستقبلٍ زاهر لعراقنا العزيز لما يمتلكه من طاقات علمية وفكرية ومهنية متخصصة كفوءة ونزيهة غير موجودة في العديد من دول المنطقة ... ولكن المؤسف ان طاقات كهذه تم تهميشها ومحاربتها وحرمانها من المساهمة والمشاركة في بناء العراق وتطويره ، مما أثر سلباً على تقدم البلد ونمائه وتطوره ، واستشراء الفساد فيه بصورة خطيرة ، ووصل الحال بالعراق الى ان يُعد في طليعة الدول الأكثر فساداً ونهباً للمال العام حسب تصنيف المنظمات الدولية ، ومنها منظمة الامم المتحدة ... الى الحد الذي يعجز معه المرء عن تقديم بيانات حقيقية وواقعية بحجم الاموال التي سُرقت من خزينة الدولة .


من خلال إطلاعنا على ملف القضية العائدة لنا في مديرية تنفيذ كربلاء بعد صدور قرار الحكم القضائي من محكمة استئناف كربلاء المرقم 263 / س / 2010 والمؤرخ في 12 / 8 / 2014 الذي إكتسب الدرجة القطعية والنهائية بعد مصادقة محكمة التمييز الاتحادية عليه في قرارها المرقم 2164 والمؤرخ في 10 / 9 / 2014 ، بحق اثنين من المهندسَين المحتالين اللذين إستوليا على حقوقنا المتعلقة بذمتهما وهروبهما الى خارج العراق ... فوجئنا بوجود كتابٍ صادر من مديرية تنفيذ كربلاء مرسل الى المديرية العامة للتخطيط العمراني في وزارة البلديات والاشغال العامة المرقم 1349 / 2010 والمؤرخ في 30 / 1 / 2014 ، يتضمن إيقاف الاجراءات التنفيذية عن المبالغ المحجوزة بحكم قضائي لدى وزارة البلديات والاشغال العامة والعائدة للمهندسين المحتالين ، وعند التمعن في هذا الكتاب وجدنا بأنه مزور ويستند الى كتاب صادر عن محكمة استئناف كربلاء المرقم 263 / س / 2010 والمؤرخ في 9 / 1 / 2014... لاوجود فيه الى إيقاف الاجراءات التنفيذية عن المبالغ المحجوزة بحكم قضائي ... وهذه هي المرة الثانية التي يتم فيها إيقاف الاجراءات التنفيذية بصورة غير قانونية من قبل مدير تنفيذ كربلاء السابق .

ومن المؤسف ان هذه الجريمة تمت بالتواطؤ بين المحامين الذين يمثلون ( المدعي ) صاحب هذه الرسالة ، ومحامي


( المدعى عليهما ) المهندسَين المحتالين ، ومدير تنفيذ كربلاء السابق الذي تمت معاقبته بعد ان تقدمنا بشكوى عليه الى وزارة العدل .

وقد توجهنا بطلب الاستشارة القانونية من ( الدكتور منذر الفضل ) الخبير الدولي المعروف وأستاذ القانون في جامعة بغداد سابقاً ، بعد ان إمتنعت المديرية العامة للتخطيط العمراني في وزارة البلديات والاشغال العامة من تنفيذ الاوامر والقرارات الصادرة عن مديرية تنفيذ كربلاء إستناداً الى قرار الحكم القضائي الذي إكتسب الدرجة القطعية والنهائية ، نتيجة وجود بعض المرتشين في هذه المديرية الذين سينالون عقابهم في القريب العاجل .

فكانت هذه الاستشارة القانونية من عالم وخبير في القانون هي البادرة الطيبة التي إستعنا بها ، وكما وردت أدناه : ـ

ان عدم إنصياع الدائرة القانونية في المديرية العامة للتخطيط العمراني في وزارة البلديات والاشغال العامة الى حكم القضاء ، وإصرارها على عدم تنفيذ الأوامر والقرارات الصادرة عن مديرية تنفيذ كربلاء ولأكثر من سنة بخصوص الاضبارة المرقمة 1349 / 2010 ، يُعد جريمة طبقاً لقانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل ( النافذ المفعول ) ، وكما جاء في قانون التنفيذ / الباب الثالث / اجراءات التنفيذ ـ الفصل الاول ـ المادة 21 : ـ



أولاً : لمديرية التنفيذ الاتصال المباشر بجميع الوزارات ودوائر الدولة والقطاع العام فيما يتعلق بأعمالها . . .

ثانياً : يكون الموظف المختص في الوزارات ودوائر الدولة والقطاع العام مسؤولاً عن تنفيذ الأوامر التي تصدرها مديريات التنفيذ ، وفي حالة عدم تنفيذه لها يعاقب بالعقوبة المقررة لها في قانون العقوبات ـ المشار إليه أعلاه ـ .



ان استقلال السلطة القضائية لا يقتصر على حرية القاضي في اصدار الاحكام القضائية دون تأثير ، وإنما يمتد أيضاً الى وجوب احترام الاحكام القضائية ووجوب تنفيذها طواعية أو بقوة القانون وبخلاف ذلك فإن الفوضى تنتشر في المجتمع ، وبالتالي تهتز الثقة وينعدم استقرار معاملات الناس ويحل مفهوم الدولة البوليسية التي لاتحترم القانون بينما نحرص جميعاً على بناء مؤسسات دولة القانون وبدون ذلك نفقد السلام وينعدم الأمان .



وطبقاً للقوانين العراقية النافذة فإن الامتناع عن تنفيذ الحكم القضائي أو عرقلته أو تأخير تنفيذه يشكل انتهاكاً صارخاً لمبدأ إستقلال السلطة القضائية التي نص عليها الدستور العراقي وإهدار لمبدأ حجية الشئ المقضي فيه.



ان هذا كله يُعد جريمة يعاقب عليها قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل المشار إليه أعلاه والنافذ المفعول وإليكم الدليل من نص المادة 329 من القانون المذكور التي جاء فيها ما يلي : ـ

1 ـ المادة 329 ـ يعاقب بالحبس وبالغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين كل موظف أو مكلف بخدمة عامة إستغل وظيفته في وقف أو تعطيل تنفيذ الاوامر الصادرة من الحكومة أو أحكام القوانين والانظمة أو أي حكم أو أمر صادر من إحدى المحاكم أو من أي سلطة عامة مختصة أو في تأخير تحصيل الاموال أو الرسوم ونحوها المقررة قانوناً .

2 ـ يُعاقب بالعقوبة ذاتها كل موظف أو مكلف بخدمة عامة إمتنع عن حكم أو أمر صادر من إحدى المحاكم أو من أية سلطة عامة مختصة بعد مضي ( 8 ) ثمانية أيام من إنذاره رسمياً بالتنفيذ متى كان تنفيذ الحكم أو الأمر داخلاً في اختصاصه ،



يُضاف الى كل ما تقدم فإن القوانين العراقية تعطي الحق للمتضرر المطالبة بالتعويض عن الاضرار الناجمة عن ذلك من الوزارة فضلا عن قيام ( المسؤولية المدنية ) وكذلك العقوبات التأديبية على الموظف المختص الممتنع أو المعرقل لتنفيذ الحكم القضائي حسب قانون الوظيفة العامة ، لأن الموظف يكون قد إرتكب بفعلتهِ ( جريمة الجنحة طبقاً لقانون العقوبات ) والاخلال بواجبات الوظيفة العامة وسبب ضرراً للوزارة لأنه لم يحترم تنفيذ حكم القضاء .