رئيس العراق ونوابه وباقي الرئاسات ونوابها . أعضاء مجلس سليم وعضواته . الوزراء والحواشي والضباط الكبار والصغار ، والميليشيات بصنوفها المعلنة والسرية فوق الطاولة وتحتها . عمائم على صورة دين ولحىً تحلب التقوى حلباً مريباً . ملايين مملينة من الموظفين والعمال والصناع حتى الكسَبَة . كلهم يصلّون ويصومون ويحجّون ويبسبسون باسم الله ، لكنَّ البلد باقٍ سيّداً على رأس قائمة البلدان الأفسد على وجه الأرض . ألرشوة والنهب صارت ثقافة غير مخجلة . هذه تشكيلة جماعية مشينة غير قادرة على كنس داعش وأخواتها ، أو بناء بلاد صالحةٍ للعيش البشريّ . القناع الملبوس هنا هو قناع ديني طائفي مريض متخلف بامتياز ، وليس هو دين الله الحقّ السهل غير الممتنع والشديد الوضوح . خذ مثلا دولة اوربية اسمها الدنيمارك ، رئيسها ووزراؤها ونوابها وموظفوها غير خاضعين لضغط الدين وأشكاله وأقنعته غير الدينية أو الجوهرية ، لكن مقياس منظمة الشفافية الدولي يضعها هي وشقيقاتها النرويج والسويد على راس دفتر الدول الأكثر نزاهة في الكون كله . الموظف هناك يذهب الى الحانة مثلاً ، لكنه في صباح وعوافي اليوم التالي وحيث يريح عجيزته فوق كرسي الوظيفة المقدس بمعنى عظيم ، فإنه يرفض أي رشوة من راشٍ هو الآخر يكاد وجوده معدوماً في المشهد الاجتماعي ، أما موظفنا الذي يقتدي برئيسه ، فإنه يذهب الى الجامع وجبهته مأكولة من قوة الصلاة ، وفي اليوم التالي سيأخذ ويبوس دنانير الحرام من افواه الفقراء والمساكين . الحكومة المزروعة ببغداد العباسية المريضة وحواشيها ، عندها طقطوقة مخزية لم يعد احد يصدقها أو أن من يصدقها فهو منها وهي منه ، وهي ان صرخت الرعية بوجوه الحرامية والفاسدين قالت لها نعم نحن فاسدون لكن الفساد موجود في كل دول العالم . طبعاً قولكِ صحيح يا حكومة لكن فسادك إذا ما قورن وقيس بفساد الآخرين فإنّ النتيجة ستكون صادمة مروعة مرعبة مخزية . في زمان وعراق صدام حسين ، ومع قلة جمهرة الفاسدين والمزورين والمرتشين والخائنين ، فقد كان الإعتراض خطاً عريضاً أحمرَ ومن يتورط بتجاوزه فإنه يحفر قبره بأظافره ، أما في زمن العراق الذي صنعتْهُ الوغدة الوضيعة أمريكا ، فإنّ الحاكم وحاشيته ودوائره التي في فلكه تدور ، ستراهم يسمحون لك بشتمهم وسبّهم بما ثقل من كلام ، لكنْ في النهاية ستبقى المعادلة كما هي ، أنت تسبّ وتلعن وهم باقون على كراسي الرذيلة والحرام ، وحتى اليوم لم ترَ الناس حوتاً حرامياً واحداً أو واحدة قد دخل في قفص العدالة ، مع كثرتهم وتناسلهم المعلن الذي لا يحتاج الى كدٍّ عظيم لنبش الدليل والدمغة .
|