العدالة في توزيع الأعباء |
توزيع الاعباء ، كما هو توزيع الثروات ، من بين أهم مبادى العدالة الاجتماعية في مختلف النظم السياسية التي تؤمن بالانسان قيمة عليا وتعمل على اقامة مجتمع عادل ، يتمتع اعضاؤه جميعا بالحقوق غير المتفاوتة ، والمساواة في الثروة والاعباء معا …
والمساواة في الاعباء مبدأ مهم تبرز قيمته أكثر في الظروف الاستثنائية ، وخاصة الاقتصادية الصعبة أكثر من الظروف الطبيعية والرخاء الاقتصادي والتنمية ، وتوفر الخدمات وفرص العمل والاجور والرواتب المجزية و ما يحتاجه الانسان ، بشكل تجعله لا ينتبه كثيرا الى الفوارق الكبيرة في توزيع الدخل بين افراد المجتمع ، وعدم المساواة والاخلال بتكافؤالفرص ، وما الى ذلك من مبادى معروفة في العدالة الاجتماعية قد لا يتمتع بها في حينها لكفايته المادية والخدمية فيغض النظر عنها …
والعدالة الاجتماعية وان كانت تعني في اطارها العام المساواة بين افراد المجتمع ، لكنها لا تعني المساواة المطلقة ، ودون مراعاة الفوارق المهنية والعلمية والشخصية في الذكاء والعطاء والكفاءة والقدرة على التطوروالطموح المشروع وفي العمل والانتاج … ..
وهذا يعني انه شيء مشروع ان تكون هناك طبقات ، لكن من غير المشروع أن تكون الهوة واسعة بينها بشكل يلغي الطبقة الوسطى ، فيتحول الشعب الى طبقتين فقط .. اغنياء بافراط ، وفقراء باجحاف ، والفرق بينهما كبير جدا ، ودون طبقة بينهما .. وهذا ما يحصل اليوم في بعض المجتمعات نتيجة السياسات الخاطئة ، وتظهر اكثر في الظروف غير الطبيعية عندما يتعرض الفقراء لضغوطها وقساوتها اكثر من الاغنياء …
فليس من العدالة الاجتماعية عدم المساواة في توزيع الثروات فقط ، وانما ايضا في عدم المساواة في توزيع الاعباء التي يواجهها المجتمع في الظروف الاستئنائية بشكل منصف يراعي الفوارق المادية …
ففي حالة انتشار البطالة مثلا تفرض العدالة الاجتماعية الغاء المحسوبية والمحاباة والشخصنة والنظرات الضيقة ( الطائفية والحزبية ) والمحاصصة في التعيين ، على حساب المواطنة ، والاستمرار بها يتحول الى ظلم اجتماعي …
وفي الظروف الاقتصادية الصعبة ، ليس من العدالة الاجتماعية ايضا ، ان تتحمل الطبقة الفقيرة ثقلها اسوة بالطبقة العليا ، بحجة المساواة والمواطنة .. فتتساوى مثلا في النسبة التي تفرض على الاستقطاعات او الحرمان من الخدمات ، بسبب ذلك الظروف الضاغط … فالخمسون الف دينار مثلا التي تستقطع من الموظف البسيط او المتقاعد بحساب النسبة والحاجة تكون اكثر وطأة عليه من الموظف الذي يتقاضى الملايين ، او لديه امتيازات ومكاسب اخرى لا يحصل عليها الاول ، الذي قد لا يجد ثمن الدواء في حالة مرضه ، بينما بامكان الثاني ان يتعالج في الخارج لمجرد تعرضه الى مرض بسيط ، دون ان تؤثر عليه الاستقطاعات في شيء من حياته التي تستمر على وتيرتها السابقة ، ولا تشكل شيئا مهما ازاء ما يملك ، او ما تتوفر له من خدمات ، بينها تظهر بوضوح على المواطن البسيط ، ناهيك عن وسائل الراحة التي تتوفر للمتمكن بحكم ظروفه المادية ، وتنعدم عند الفقر بسبب فقره .. وقس على ذلك الكثير من الحالات ..
من هنا يتين كم هي ضرورة العدالة في توزيع الاعباء و(فاتورة ) الظروف الصعبة والاصلاح على الجميع ، حسب حظوظهم في السلطة والثروة والدخل ، وبذلك تعطي صورة واضحة عن طبيعة النظام والانحياز للفقير ، وتشجعه بالتالي على الوقوف بصلابة وتحمل التضحيات لتجاوز الظرف الصعب..
{{{{{{
كلام مفيد :
عندما تفشل في ان تمنح حق نفسك عليك ، ليس بمقدورك ان تنجح في ان تعطي حق الاخرين عليك .. |