جمهورية الأسوار

 

يقول الفيلسوف الفرنسي ألبير كامو (هناك أشخاص يجب ان لا  نمنحهم أكبر من حجمهم كي لا نخسر الكثير من حجمنا) . وفي العراق هناك أشخاص منحوا وطناً بكل خيراتهِ فكانت النتيجة أن الوطن والشعب خسروا كل شيء ، بفضـــل عقول وأفكار يصدر منها في كل يوم قراراٌ جديد لا يحمل لوناً أو طعماً أو رائحة .

 

مشروع (سور بغداد) الذي أعلنت عنه قيادة علميات بغداد وباشرت فيه ليس أخر الأفكار الجهنمية بكل تأكيد ، ولكنه الأكثر عجباً . وكل التبريرات التي أطلقت وحاولت تلميع صورة هذا القرار كانت تؤكد أن الغاية هي منع تسلل السيارات المفخخة والإرهابيين لداخل العاصمة .

 

وتستمر التبريرات الغريبة فنجد بأن رئيس مجلس الوزراء يقول (من واجبنا حماية جميع المواطنين داخل العاصمة من الأعمال الإجرامية للجماعات الإرهابية وذلك بإعادة تنظيم السيطرات وغلق جميع الثغرات لتسهيل دخول وخروج المواطنين الآمنين من والى بغداد) ، هذا التصريح وفق بيان رسمي تسلمت أغلب الوسائل الإعلامية نسخة منه.نستنتج من كلام أصحاب المعالي وقياداتهم الأمنية بأن الغاية من السور حماية العاصمة وساكنيها . ولكن باقي سكان العراق من سوف يحميهم ؟ وهل سوف تستمر فكــــــرة الأسوار لنشهد قريباً بأن كل محافظة وكل قضاء أو ناحــــية أو قرية تــــطالب بـــــسور يحميها ؟ فنتحـــــول من جمهورية الـــعراق إلى جـــمهورية الأسوار.أما قولهم بأن السور لمنع تسلل الإرهابيين والسيارات المفخخة وغلق لجميع الثغرات الأمنية فهذا الكلام يدينهم جميعاً . لأن الأمن والأمان والاستقرار ومسك الأرض ليس مجرد كلام على الورق أو تصريح لقناة فضائية بل هي علوم لها أسس تستند على المعلومة الأستخبارية وكيفية تحليلها وتقوميها والتحرك وفق النتائج التي نحصل عليها عن طريق وضع الخطط الصحيحة . ووضع الشخوص والخبرات في مكانها الصحيح وليس توزيع المناصب وفق المحاصصة المقيتة والطائفية التي دمرت البلاد .ثم أين مصير المليارات من الدولارات التي صرفت على المنظومة الأمنية .وهل بعد كل تلك الأرقام الخيالية من الأموال تأتي فكرة الأسوار . والأعداد الهائلة من العسكر أين هي ؟ ولماذا لا يتم توزيعها بالشكل والمكان الصحيح ؟ ناهيك عن حمايات السياسيين وأعدادها والتي تكفي لتحرير دول وليس بسط الأمن والاستقرار ؟ وأين الأفكار التي يطرحها مجلس الأمن الوطني واجتماعاتهِ الكثـــيرة ؟تبقى كل تبريراتهم خالية من الإقناع لأنهم من الأساس لا يفكرون بوطن وشعب بقدر اهتمامهم بأنفسهم وأحزابهم وكتلهم السياسية ومصالحهم .

 

اما قول البعض بأن من يعارض فكرة السور هو مؤيد لتنظيم داعش . فهذه الطرح يدل على مدى غباء من يريد أن يكون كل شيء ، وهو من الأساس ولا شيء .تقول الحكمة بأن الأسباب الصغيرة لها غالبا نتائج كبيرة . فكيف لنا بعقول فـــارغة تقود وطناً بحجم العراق ، بكل تأكيد سوف تكون النتائج كارثية وبامتياز .لأن فكرها لا يتعدى الجدران الكونكريتية التي تختبئ خلفها تلك العناوين .