المستشارون أحد أبواب الفساد

 

بعد أن استشرى الفساد المالي والإداري في كل مفاصل الدولة العراقية سواء في الرئاسات الثلاث والوزارات والمؤسسات والدوائر الحكومية والمؤسسات العسكرية والأمنية وبعد أن تفنن السياسيون والمسؤولون في طرق الفساد وأساليبه ووسائله التي لم تخطر بعضها حتى على بال أعظم الدهاة والخبراء وعلى المؤسسات المكلفة بمحاربة الفساد المحلية والدولية ابتدع هؤلاء السياسيون والمسؤولون طريقة جديدة وباباٌ واسعاٌ لفسادهم المالي والإداري وسرقة أموال والشعب بعد أن أصبحت المحاصصة الطائفية والحزبية وبيع المناصب وتعيين أصحاب الشهادات المزورة في المناصب المهمة في الدولة وتعيين الأقارب وأخذ العمولات من مختلف الصفقات والمشاريع وعلى حساب نوعية العمل ونوعية وجودة مواد الصفقة والاستيلاء على عقارات الدولة وتسييس القضاء والاستفادة من الايفادات والزيارات والبعثات الدراسية وتعيين أقارب المسؤولين في السفارات والملحقيات التي أصبحت وظائفها حكراٌ للأحزاب المتنفذة ولأبناء السياسيين ومقربيهم وأخذ الرشاوى والعمولات الكبيرة من أصحاب الشركات والمقاولين وانتشار الرشوة في كل دوائر ومؤسسات الدولة وعمليات الفساد الكبرى في مزاد بيع العملة لبنوك أهلية تعود لسياسيين وبوصولات مزورة وعمليات غسيل الأموال وتهريب العملة الصعبة لدول الجوار وعمليات الاستيراد لمواد رديئة وبأسعار المواد الجيدة سواء كان لمفردات البطاقة التموينية أو لاستيراد البضائع والسلع والمواد المختلفة وعمليات الفساد الكبرى في سرقة النفط العراقي من قبل عصابات ومافيات لها صلة بمسؤولين كبار وغير ذلك من عمليات الفساد التي أصبحت معروفة لأبناء الشعب العراقي على اختلاف مستوياتهم وفئاتهم , طلع علينا سياسيو الصدفة وعرابي الفساد والسرقات المليارية بطريقة جديدة للفساد وسرقة أموال الشعب ألا وهي تعيين الأبناء والأقارب بصفة مستشارين مستغلين سوء الإدارة للدولة وعدم وجود قوانين تحدد أعداد المستشارين للمسؤولين فأخذ هؤلاء المسؤولين والسياسيين تعيين أعداد كبيرة من المستشارين لهم وبدرجة وزير أو مدير عام وفي اختصاصات مختلفة و من أبنائهم ومقربيهم أو من أعضاء حزبهم الذين لا يفوزون بعضوية مجلس النواب أو لا يحصلون على منصب مهم في الحكومة أو الذين تنتهي فترة عملهم كوزراء ونواب لان الدولة لا تحاسب ولا تدقق في أعداد المستشارين للمسؤولين الحكوميين وهؤلاء المستشارين يكلفون خزينة الدولة مبالغ طائلة شهرياٌ كرواتب ومخصصات وحمايات وعجلات وغير ذلك ،والمشكلة إن هؤلاء المستشارين لا تتوسم فيهم أية صفة من صفات المستشار وأبسط شرط من شروط العمل كمستشارين ومن هذه الصفات والشروط  المؤهل الأكاديمي والعلمي والاختصاص في العمل والخبرة والتجربة في هذا الجانب وحتى المعلومات والثقافة العامة وقوة الشخصية لان المستشار يتحمل مسؤولية كبيرة ولديه واجبات محددة أهمها تقديم المعلومة الدقيقة في الوقت المناسب لكي يتمكن المسؤول من اتخاذ القرار الصحيح ولديه صلاحيات في اتخاذ بعض القرارات ومتابعة قرارات المسؤول ومعرفة ردود أفعال المجتمع بصددها كما إن المشورة التي يقدمها المستشار للمسؤول والسياسي يجب أن تكون واضحة وتصاغ بشكل مفهوم ودقيقة تخص المعضلة المطروحة ومناسبة للموضوع الواجب تقديم الاستشارة فيه وتنم عن إبداع وتجديد وإمكانية في الاختصاص وتراعي طبيعة المجتمع و الظروف الاجتماعية والاقتصادية للبلد .

 

ومقابل هذه الواجبات والمسؤوليات الكبرى للمستشار والمواصفات الشخصية والمهنية العالية له كيف يتم تعيين شاب من مواليد 1990 كمستشار في وزارة الخارجية مثلاٌ ؟ وكيف يتم تعيين مسؤول فشل في مهمته كوزير أو موظف كبير في الحكومة مستشار لنائب رئيس الجمهورية أو لرئيس الوزراء أو لرئيس مجلس النواب ؟ وكيف يتم تعيين شخص لا يحمل مؤهل علمي ولا يحمل حتى شهادة جامعية كمستشار ؟ وكيف يتم تعيين من لا يحمل أية مواصفات شخصية أو أي تخصص أكاديمي أو لديه خبرة في مجال اختصاصه مستشار لرئيس الجمهورية والرئاسات الأخرى وبرواتب عالية جداٌ علماٌ إن أغلب المستشارين الذين يتم تعيينهم من قبل كبار المسؤولين لديهم رواتب وظيفية أو رواتب تقاعدية أي أنهم تستلمون أكثر من راتب ومخصصات من الدولة .

 

أليس هذا باباٌ جديداٌ من أبواب الفساد العديدة والكبرى التي تنخر بمؤسسات الدولة العراقية والتي تكلف الدولة مبالغ طائلة هي في أمس الحاجة لها في الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها البلد والتي يجب على الحكومة وأجهزتها الرقابية كشف هذا النوع من الفساد والتصدي له ومحاسبة كل من يعمل به ويروج له مستغلاٌ صلاحياته ومستغلاٌ غياب القانون والرقابة مهما كانت صفته ومسؤوليته الحكومية .