الأخضر والأخيضر

 

أما الأخضر وهو المنطقة الخضراء مقر الدولة العراقية في بغداد الغنية عن التعريف والمعروف لا يعرف.

أما الأخيضر فهو موقع أثري في بقع في البادية قرب مدينة كربلاء المقدسة وقريب من بحيرة الرزازة. لقد اتيح لي مشاهدة هذين المعلمين الذي أسميهما سياحيان أثناء عملي في شرطة كربلاء في بداية النصف الأول من القرن الماضي لا كواجب رسمي وإنما فضول دفعني إليه لما كنت أسمه ممن قدر له زيادتهما والآن الموسم كان ربيعاً فقد وجدت في ذلك المكان ما كنت قد افتقدته في بادية مدينتي عنه أرض مخضرة يتراقص فوقها أنواع من الزهور البرية. علاوة على عظمة ذلك البناء الذي قاوم عاديات الزمان. والأكثر عجباً تلك المياه الرقراقة المتدفقة بين جدرانه أما البحرية فكان لها وقع آخر في نفسي وإن كنت قد شاهدت بحيرة الحبانية وأهوار العمارة فإن الذي يميز هذه البحيرة أنها تكاد تكون في مستوى سطح الأرض يغذيها نهر المجرة الذي يخرج من الفرات قرب الرمادي يملئ بحيرة الحبانية أولاً ثم يواصل سيره إلى بحيرة الرزازة مثلما يفعل نهر الفرات عندما يدخل هور الحمار ويسد نقصه من المياه ويخرج ليذهب ليلتقي بالقرنة مع نهر دجلة عند القرية. أتكلم هنا عن ذكريات مرت عليها حوالي 65 سنة ولم أنقطع عن زيارة الرزازة بعد أن تزوجت وأصبح لي أسرة كان بين رغبات زوجتي القيد الذي لم يدم يعصمي زيارة مراقد الأئمة عليهم السلام ومع الأيام أصبحنا فريق سياحي من الأقرباء والأصدقاء نبكر في الذهاب إلى كربلاء وأثناء قيامنا بزيارة مرقد الإمام الحسين وأخيه العباس الشهيدين عليهما السلام يكون صاحب أحد المطاعم قد أعد لنا وجبات الغداء من كباب كربلاء الشهير.

 

أما نسيم البر الذي يسميه أهل البر (صبا) هو الأخرى له مغرياته ولا أدري أنا شخصياً إن كنت مصيب في تقديري أم أنه هوى حب للفضاء ولا أفضل من فضاء البادية لذلك كنت أردد لرفاق (السفرة) والأهل والأصدقاء قول شاعر بدوي:

 

ألا يا صبا نجد متى هجت من نجدي

 

لقد زاد في مسراك وجداً على وجدٍ

 

ولقد نظرت إلى بغداد ونجد ودونها

 

فلله بغداد في الغرب والبعد

 

لقد قرأت أو سمعت أن أحد حكومات الأنظمة السابقة أولت هذه الثروة الأثرية والسياحية أهمية وقامت بما يخدم أحياء آثار قصر الأخيضر وتمنيت يومها أن تظهر مصدر تلك المياه التي تجري بين جدران القصر والوصول إلى مصدرها وسحبها في جدول أو ساقية تصب في بحيرة الرزازة. وأن تكون كربلاء المقدسة محل جذب سياحي ديني وسياحة إلى الطبيعة وجنح اقامة المساكن حولها في صبا نجد على نقاءه يجذب اليه من لم يتوفر له تنفس وشم اريج تلك الخضرة والزهور التي تكسوه أن هذه الفرصة متاحة أمام ادارة البادية لتتولى تأمينها وطمأنة من يقصدها ليعود إليها لأن الموارد السياحية أصبحت من أهم موارد الدول لأنها لا تحتاج إلى رؤوس أموال انتاجية ولا تستهلك.

 

إن في العراق ثروات سياحية الرزازة والأخيضر نموذج لها على أن لا تدخلها السياسة كما دخلت الحبانية أبان الحكم السابق وأفسدتها.

 

قد يرد على الخبراء والمحللون السياسيون بسؤال؟

 

اين الأمن الذي يضمن خروج البغدادي أو الحلي وأهل الجوار من داره مبكر ليؤدي فريضة الزيارة لأهل البيت ويتمتع بصبا نجد ويتناول غداءه من كباب كربلاء ويرد إلى أهله سالماً أما إذا كنت أفكر بغير أهل العراق فتلك أفكار ساذجة مني ولكني الإنسان والإنسان العراقي له القدرة على التغلب على المصاعب إن توفرت له شروط أولها الأمن والاستقرار هذا ما نفتقده في الوقت الحاضر ولكن على المسؤولين أن يضعوا في خططهم المورد السياحي.