لاتتفاءلوا بالخير فلن تجدوه ! |
الكثيرون أخذوا يدفعون بما لديهم من تسريبات وتحليلات وتصريحات أعلامية بأن الحل أصبح قريب جداً وأنه واقع لامحالة وأن العراق سينعم بخيراته مجدداً وسيستعيد ما فقده من شرف بدون أن يراق الدم على من تسبب بذلك , والجهة التي تدعم ذلك الحل هي أدارة البيت الابيض وهي ستقضي على من أورثته على رقابنا , وأخذ البعض يؤكد حتمية هذا الخلاص ويقول أعصموها بي أن لم يتحقق حلمٌ قد رأه , ولاندري حقا على أي أساس تحليلي بنى جمهور المتفاءلون تلك الحقائق فهل أستفاقت الادارة الامريكية على صوت خفي ليوحى اليها بأنها قد طغت وأن عليها أن تتوب الى ربها وألا فأن الغضب الالهي نازل عليها وأن موعده قريب , وتبعاً لذلك راجع السيد أوباما فريقه المختص بالشؤون الدينية وقرر أن يتوب توبة نصوحة وأن يعيد كل ذي حق حقه , لنتأمل خيرا من هذا , ولكن الواقع الاستقرائي الاكثر رجوحاً أن التقارير الاستخباراتية الاخيرة قد حذرت أدارة السيد أوباما من أن هناك قوى مسلحة قد تنامت في تنظيمها حتى أصبحت تدق وتُصعد من مؤشرات التحذير الامريكي الى الضوء الاحمر , وأن تلك القوى أن أجتمعت فأنها ستصبح مؤثرة على الواقع السياسي في العراق وفي المنطقة الاقليمية من خلال قدرتها على الانقلاب على الحكومة الضعيفة في المنطقة الخضراء وأن هناك جهات من داخل العملية السياسية تدعم هذة القوى , وبذلك يكون الوقت قد فات على أدارة السيد أوباما للسيطرة على الوضع بعد سنين من الخراب الممنهج في كل أطاراته ومساراته . ومن هنا أخذت التقارير الاستخاراتية تنطلق يوماً بعد يوم لأشغال الجمهور ومن في السلطة على حدٍ سواء , فتوالت كشوفات تقارير المدقق الدولي لصندق تنمية العراق ( الحساب الذي تودع فيه كل أيرادات النفط ) تباعاً لتحدد وبالارقام عن مخالفات مالية وتعاقدية كبيرة في أداء الوزارات ومنها الصحة والنفط والدفاع , ولم تستطيع أي جهة أن تفند ما جاء بالتقارير من المشاريع والكلف الاجمالية والمدد الاضافية , بل قد أقرت بعض اللجان بمصداقية التقارير وأن كل الارقام كانت حقيقية ودقيقة , وأن تلك المشاريع لم تنجز حتى أكتوبر من عام 2015 وكانت هذه رسالة واضحة الى الكتل السياسية التي تعارض التوجه الامريكي بالمنطقة بأن البيت الابيض لديه العديد من أوراق الشخصيات التي بأستطاعتها أن تُحرقها بناء على تهم فساد مالية وتحويل تلك الملفات الى المحكمة الدولية لكي تنزع أي غطاء شرعي سياسي أو ديني أو حتى أرث عائلي , والحدث الاخر المهم هو اللقاء برئيس ديوان الوقف الشيعي وبذلك أرسل البيت الابيض رسالة الى الشيعة في العراق بان المؤسسة الدينية الشيعيه ليس لها أعتراض على ماتنوي الادارة امريكية فعله في المستقبل القريب . وبعد هذا تم دفع الفرقة المجوقلة لتأخذ دفاعات أحترازية وأخذت تنتشر في مواضع مخططة لتحمي السفارة الامريكية من أي رد فعل قد يصاحب المهمة كما وضعت خطة مشتركة مع قيادات عراقية لتبني سور بغداد وهي عملية ألهاء محضة دائماً ماتعتمدها القيادات العسكرية الامريكية عند تنفيذ مهام تعتبر غاية في السرية , وسيكون العمل التالي هو جمع كافة المعلومات وفي أي مسار أقتصادي أو سياسي وحتى الاجتماعي لكي يتم وضع خطة محكمة للسيطرة على الوضع وخاصة الامني ومحاولة تفتيت أي قوى تفكر بما لا يتجاوب مع الادارة الامريكية , وأبتدات فعلا بالتفتيت السياسي بين الكتل والاحزاب المتصارعة لتزيد من هذا التصارع , وأقنعت أو أوهمت السلطة التنفيذية بأن عليها أن تفكر جدياً في تغيير جوهري في بنية الحكومة ولنبدأ بالوزارات , وفعلا تم ذلك على شكل دعوة الجهات السياسية لتغيير الوزراء وهذا ما تريده أدارة السيد أوباما بالضبط من تلك الدعوة , التي ستؤجج الصراع السياسي وتبعد تلك القوى من التجمع أو الاتحاد بشكل جبهة تقف بالمرصاد للمواقف الامريكية في العراق والمنطقة , وسيكون بأمكانها أخذ زمام المبادرة والتفرد بالمساومات والمفاوضات والاجتماعات مع الجهات السياسية كل على أنفراد , وقد يؤدي هذا الى صراع مسلح بين تلك الجهات وتكون قد حققت الهدف رقم واحد من الخطة الموضوعة لكي تنتقل الى الهدف رقم أثنين وهو أنتشار القوات الامريكية في العراق مرة أخرى . وتحرير الموصل هي الورقة الرابحة لدى الادارة الامريكية لكي تنفذ بها وتعبر كل العوائق التي تقف بوجها ولذلك نراها تلعب بها بحرفية سياسية ودبلوماسية عالية الاداء تأخذ بنظر الاعتبار رضوخ كل المحاور الاقليمية والدولية لأرادة السياسية الامريكية وأمنها القومي وسوف لن تتخلى عن هذه الورقة ما لم تحقق ما تصبو اليه , وسيبقى الغموض يكتنف موعد تحرير الموصل وستبقى الخارجية الامريكية تفاوض مرة وتهدد مرة أخرى وهي متأكدة من أن خسارتها لتلك الورقة قد يغير معادلة التوازن والتحالف في كل المنطقة وليس في العراق فقط , وستصر بأنها هي التي تختار القوات التي ستحرر الموصل وستعطي بعض التنازلات تبعاً لذلك , ألا أنها هي التي ستكون على رأس القيادة لما لها من أجندات وأتفاقات مع جهات تعمل داخل المدينة , وهذه الحقيقة قد أستشعرتها بعض قيادات القوى وصرحت بانها ترفض أبعادها عن المشاركة في عملية التحرير . قد تكون التحليلات السابقة مجرد قراءات بدون بيانات معتمدة ولكنها لاتخلو من الواقعية والموضوعية كونها تعتمد على متابعات عميقة لمؤثرات السياسة والايديولوجية الامريكية التي تعتمد بالدرجة الاساس على المصالح والاقتصاد والامن القومي الامريكي , أما غير ذلك فلا أعتقد أنه يؤسس الى مقبولية ولن يكون له أي تأثير كونه يعتمد على تسريبات أعلامية غير معتمدة وما أكثرها في يومنا هذا , وعلى كل حال فأن المتضرر الاول والاخير هو الشعب الذي يتمنى اليوم أن يتعلق بأي عباءة تستطيع أن تنقذه من التدهور وضياع عراقهِ الذي أعتاد أن يعتاش عليه , والى الان لم تستطيع أي شخصية عراقية أن تحمل حجر الخلاص بعباءة عراقية ويتعاون الجميع بحمل العباءة لكي يضعوا أول حجراً ثم يبنوا عليه عراقاً عظيما , وستكشف الايام القادمة حقائق الامور وتداعياتها
|