اجراءات التقشف الصحية تستهدف الفقراء

عندما اعنلت الحكومة رسمياً عن الازمة المالية والاقتصادية ووعدت باتخاذ اجراءات لمعالجتها وتعهدت بانها لن تمس الفئات ذات الدخل المحدود والفقراء الناس لم يأخذوا كلامها على محمل الجد، والاغلبية الساحقة منهم قالت )الله يستر من اللي جاي)، فهم بخبرتهم وتعاملهم مع حكومة المحاصصة والفاسدين عرفوا الوعود الكاذبة التي لا يمكن احصاؤها على كثرتها، وانهم لم يروا خيراً من هؤلاء الحكام الذين يتلاعبون بمقدراته وتدنت الخدمات في البلاد الى الحضيض.

اليوم، الحكومة تفي بوعدها وتشن هجوماً ولكن ليس على الفاسدين والذين يهربون المال العام ويسرقونه عيناً ونقداً، وانما جاء دور اضافة اعباء جديدة على دوائهم وعلاجهم. فبعد التقرير الدولي الذي يشير الى المشاريع الوهمية او الصفرية في الانجاز بمستشفيات العراق ومراكزه الصحية، وان القسم الاخر نفذت بنسب متدنية وتوقف العمل فيها من دون ان تحرك الاجهزة الرقابية في الدولة والقضاء ساكت لملاحقة المتسببين في ذلك ومحاسبتهم على هذا الهدر وسرقة المال العام. وزارة الصحة بدلاً من ان تبحث في تقديم العلاج للفقراء والمعوزين اعلنت عن زيادة اجور الفحص في المستشفيات الحكومية من 500 دينار الى الف دينار أي بنسبة 100% والامر من ذلك ان العلاج الذي يعطى للمريض تدنت نوعيته والوصفة غير كافية وانواع منه عليه ان يشتريها من الصيدليات الاهلية.. وكل هذا وغيره ويتحدثون عن جودة العلاج ومجانيته..

يتصور البعض ان المبلغ الذي يدفعه المريض هين وهم يقيسون على انفسهم، ولكن العاطلين عن العمل الذين يتجاوز عددهم ربع سكان البلاد لا يملكون هذا المبلغ الصغير بل ان بعضهم لا يجد اجرة السيارة كي يذهب الى المستشفيات الى جانب ذلك حسب احصاءات وزارة التخطيط ان نسبة الفقر قد تجاوزت الـ 40% في ظل الازمة الاقتصادية وانعدام فرص العمل.

ولم تكتف وزارة الصحة بتحميل المواطنين اجور علاجهم التي كفلها لهم الدستور ومبادئ حقوق الانسان مجاناً فأنها اغلقت بعض المستشفيات والمراكز الصحية كمستشفى الصدر التعليمي في البصرة كي تحرمهم من العلاج المجاني، في الوقت الذي ترتفع فيه اجور المعاينة لدى الاطباء والتي وصلت الى مبالغ تعجز حتى فئات من العاملين عن دفعها للمغالاة فيها.

نواب ومسؤولون في خضم الصراعات يكشفون عن اجهزة جديدة بملايين الدولارات مهملة ومتروكة ولا يستفاد منها لتقديم الخدمات الى المواطنين، ولكن ايا من هؤلاء لم يحرك دعوى ضد المقصرين او استجوابهم في البرلمان وملاحقة الفاسدين.

من يذهب من ابناء شعبنا للعلاج في المستشفيات الحكومية ويتحمل التدافع والنقص في العلاج غير المعوزين والذين لا تتحمل دخولهم العلاج لدى القطاع الخاص، وبالتالي أي زيادة في الاسعار او ترد في الخدمات او نقص الدواء هو يستهدف رمي اوزار الازمة عليهم، وليس على الاغنياء كما وعدت الحكومة لتحقق شيئاً من العدالة الاجتماعية وحماية الناس من الضرر الذي يقع عليهم.

ان هذا الاستهداف للفقراء بزيادة معاناتهم يسقط ورقة التوت التي تتستر بها الاحزاب الحاكمة والحكومة التي لم تعد تمثل الشعب.