التلميذ والأستاذ بعد أكثر من أربعين عاماً

 

.. كانت فرصة رائعة أن ألتقي بإستاذي الكبير والمربي الفاضل الأستاذ عبود الأسدي ..المصادفة جمعتني وإياه في مقهى شعبي صغير في باب الخان وسط كربلاء صباح الخميس ..سلمت عليه وهويت على يديه لإقبلهما ..فسحبهما بعنف وهو يستغفر الله ..وقال لماذا تفعل ذلك ..!!؟ فقلت له أنت أستاذي ومدير مدرستي (متوسطة الثورة للبنين) قرب الكراج الموحد) عام 1977..فرحب بي وقال لي : أنا لاأنسى وجهك …ولكن هل أعرف إسمك ..؟ فلما ذكرت له إسمي ..قال مبتسماً تذكرت .تذكرت ..أنا لاأنسى أسماء تلاميذي الذين مروا على مدرستي إلا نادراً …. ثم تذكرت معه أيام الدراسة في متوسطة الثورة وتلك الأجواء الدراسية وما تحمله من حنين وشوق….فقال مبتسماً: وهل تذكر قصة كسر يدك ..؟ فقلت نعم أستاذ ..أتذكر ذلك جيداً … حيث كنت مشتركاً في مباراة شعبية لكرة القدم في ساحة العباسية قرب المدرسة وأسقطني خليل عباسية (لاعب خشن من فريق نسور الشرقية) فانكسررسخ يدي اليمنى ..رجعت إلى البيت ويدي متورمة فدهنتها لي والدتي – رحمها الله- وضمدتها …ولكنني لم أنم تلك الليلة من الألم ..وفي صباح اليوم التالي ذهبت للمدرسة بصعوبة .ولما رآني المدير الأستاذ عبود الأسدي أخذني إلى الإدارة ..وعمل لي كتاب الى الصحة ولم يأمر الفراش لنقلي الى هناك – كما هو معتاد – بل أخذني بنفسه على دراجته الهوائية إلى الصحة المدرسية الواقعة في العباسية الغربية ..حيث أخذوا لي فحوصات وأشعات سريعة فوجدوها مكسورة من المرفق (فعملوا لها الجبس) وعالجوني ثم أعادني الأستاذ عبود إلى المدرسة وأعطاني إجازة لمدة أسبوع ..وبعدها أوصلني إلى بيتنا الواقع في محلة الجمعية (باب طويريج) وسلمني إلى أهلي  وعاد إلى المدرسة ..!!كل ذلك أستذكرته مع أستاذي الكبير عبود الأسدي الذي لازال يحتفظ بهدوئه المعتاد وشخصيته الطيبة ..

 

إننا مهما قدمنا  إلى أساتذتنا الأفاضل من وفاء وحب وتقدير وإحترام فإننا لا نفي حقهم ولانرد حتى القليل القليل من فضلهم علينا بعد الله .. !! لاأخفي عليكم ..اليوم نطقت كلمة (إستاذ أكثر من مرة) خلال لقائي القصير مع أستاذنا الأسدي ..صدقوني كانت الكلمة لها رهبة ومكانة وعمق في نفسي كما كانت قبل 40 عاماً ..!!

 

تبقون أساتذتنا ..ونبقى تلاميذكم معهما كبرنا .