وطن النفايات

 

قالت لي زميلة بالأمس بعد أن كتبتُ عن نيتي بزيارة بغداد وعدد من المحافظات قريباً ، قالت : ( ستعجب من رؤية القاذورات والمزابل في الشوارع وهذا مثال واحد ... )
فكرتُ مع نفسي : ترى كم كنتُ أتعاطف مع المالكي في بداية تسلمه لرئاسة الوزراء وأدافع عنه وعن حكومته ووزرائه وداعياً إلى منحه فرصة أطول لأن الخراب الذي خلفته السلطة اللئيمة السابقة والحروبُ والإحتلالُ كبير ولا يعالَج أو يُزال بسنة أو سنتين ولكن بعد تتابع هذه السنين بما انطوت عليه من ضعف وهزال في شخصية رئيس الوزراء وتردده في اتخاذ أية قرارات حاسمة من دون الرجوع لرجال الدين وأصحاب العمائم وأحزابهم بشكل مباشر أو غير مباشر وتخبطه في إيجاد الحلول الجادة لانعدام الأمن والطائفية البغيضة والفساد الإداري وقصور المسؤولين ومزارعهم وفنادقهم ومطاعمهم وفروعها العالمية وحفلاتهم الماجنة ذات الكلفة الخيالية وانهيار مؤسسات التعليم ، وتفشي الإرهاب وانقطاع التيار الكهربائي بكل دلال يومياً كعاهرة عجوز تتغنج ، أجدني لا أستغرب أبداً أن تتكوم الأزبال في الشوارع لأن الوساخة مكدسة في النفوس قبل أن تتكدس في الشوارع ، وما هذا الذي يسمى برلماناً عندنا إلا واجهة لتشويه العملية الديمقراطية وبث روح اليأس منها والإستخفاف بها
كما كان يعمل الدكتاتور صدام في استفتاءاته
ونكتة النتائج الـ 99, 99 بالمئة !
وقد تحققتْ نبوءتُه حيث وافق 99, 99 بالمئة من أفراد الشعب على شنقه !!
أقول بأن جلَّ أعضاء برلمان اليوم هم من أصحاب الشهادات المزورة وعتاة اللصوص والمختلسين والخبراء في النفاق وخداع الناس الذين أوصلوهم لعضوية البرلمان وإلا هل يصدِّق عاقلٌ أو مجنون بأن مشكلة الكهرباء والأزبال في الشوارع لا يمكن حلَّها بزمن قياسي لا يتعدى الشهور القليلة إذا أخذنا بالإعتبار أن العراق دولة نفطية ولديها احتياطي عالمي هائل من النفط والغاز كفيل بأن يغري آلاف الشركات العالمية ذات السمعة العريقة والكفاءة المجرَّبة بتوقيع العقود العاجلة وحتى هذه الشركات نفسها لا تمانع أبداً من التعاقد على إنهاء هذه الأزمات السخيفة عن طريق ديون يتم تسديدها لاحقاً خاصة والضمانات متوفرة فالعراق كما ذكرنا بلد نفطي ناهيك عن أنه بلد زراعي غزيرة مياهه وواسعة مساحاته الزراعية وبساتينه ثم حتى إذا كانت الدولة أو برلماننا العتيد يتحفظ في الموافقة على توقيع مثل هكذا عقود بدعوى أنها تستنزف الكثير من ثروات البلد فهل هذه الثروة هي ( ثروة أبوك ) أم هي ثروة الشعب التي يسمع بها ولا يراها إلا في جيوب قراصنة السياسة ؟ ثم ما فائدة الإمساك بالثروة وشعبنا جائع ولا يمتلك أبسط مقومات المدنية الحديثة وأيُّ منطق يخوّل المسؤولين عن اقتصاد البلد ومستقبله من الحرامية بأن يبرروا ذلك بالقول أن المال الذي بين يدينا هو أمانة للأجيال القادمة بينما الأجيال الحالية ليست سوى جماهير من المرضى والشحاذين !؟
المحنة أساساً في الشكل الحالي للدولة وما من بدائل مقْنِعة فأغلبهم وحوش يتربصون ببقايا بلد ممزَّق وأما الأنقياء فهم مهمشون وهم أضعف تأثيراً وأقل جاذبية في معايير النظام العالمي الجديد.