الآن وقد مضىت 13 سنة على سقوط النظام البعثي وما جرى فيها ويجري وسيجري، إذا بقي الحال كما هو عليه اليوم، فإن العراقيين بدأوا يترحمون على نظام صدام؛ أولا العراقيون العاديون ذوي الإدراك البسيط، الباحثون عن الأمن والإستقرار من اجل معيشتهم وتحصيل قوت يومهم. وقد بدأوا يترحمون قبل ثلاث أو أربع سنوات بسبب ما جرى عليهم من كوارث ومآسي الإرهاب الذي فقدوا معه الآمن والإستقرار، وفقدوا بسببه الأبناء والآباء، وترملت جراءه النساء وتيتم الأطفال ونزح وتشرد الآلاف من العراقيين غربا وشرقا، شمالا وجنوبا. وبسبب ما جرته عليهم النزاعات والخصومات والصراعات السياسية بين من حكموا ويحكمون وسيحكمون العراق، إذا بقي الحال كما هو عليه اليوم. أولئك الذين يتهافتون ويتهالكون كالذباب على الكراسي والمناصب، والذين صارت روائح فسادهم وسرقاتهم للمال العام تزكم الأنوف وبسبب تحايلهم على وخداعهم العراقيين بوعودهم الكاذبة ببناء عراق آمن ومستقر، متطور ومتقدم .... الآن، أيضا، بدأ العراقيون المدركون والواعون والمثقفين يترحمون على نظام صدام بعد ان فاض بهم ونفد صبرهم وهم يأملون ويرجون مع العراقيين العاديين والبسطاء ان يتحسن الوضع السياسي والأمني والمعيشي، ولكن بلا أمل ولا رجاء مع هذه العصابة من السياسيين الشيعة والسنة والكرد الذين يحكمون العراق اليوم. هؤلاء متأكدون ان العراقيين لن يستطيعوا ان ينالوا منهم بالمظاهرات خجولة العدد وغير المنضبطة والتي تفتقد إلى القيادة والتنسيق والتنظيم والمطالب الموحدة, وبالتالي ليس لديهم القدرة على القيام بثورة شعبية كاسحة ولا بانقلاب عسكري ثوري ينتهي بسحل هؤلاء الشرذمة اللصوص (الجوعيه) من السياسيين ذوي العمائم السود والعمائم البيض والأفندية، في الشوارع كما حدث في 14/تموز/1958. والحل؟ ما الحل .......؟
العراقيون، غالبية العراقيين، بدأوا يطالبون بحكم دكتاتوري عادل، ليس كحكم نظام صدام الظالم الظَلوم بعد أن بلغ بهم الوضع السياسي والأمني والمعيشي حدا لا يُطاق. ونحن، ومن وحي مطلب العراقيين هذا، وربما لتوضيح صورة هذا المطلب لمن يهمه الأمر، نطلب مِن مَن بيده الحل والربط، مِن مَن بيده مصير العراق وقدره، مِن مَن بيده تحريك الدُمى والقرقوزات التي جلبها من المنافي الأوربية وسلمها العراق لتحكمه بالنيابة عنه .... نطلب منه منحنا بعصاه السحرية المعروفة التي أسقط فيها نظام صدام بيوم وليلة في نيسان 2003، حكما دكتاتوريا جديدا على ان يكون:
أولا: حكما دكتاتوريا بلا أحزاب ولا برلمان، حكما ديكتاتوريا عادلا، لا يفرق بين احد من العراقيين لا في الفصل ولا في الأصل، ولا في الحسب ولا في النسب.
ثانيا: حكما دكتاتوريا عادلا لا يأتي بالبعثيين القُدامي ولا البعثيين الجُدد ليحكموا العراق مرة ثالثة.
ثالثا: حكما دكتاتوريا عادلا يترك الشيعة (اللطامه) يقيمون شعائرهم الحسينية طوال السنة دون التدخل فيها ولا منعهم منها.
وفي تحقيق هذا المطلب الأخير (الثالث) ضمان أكيد أن لا أحد من العراقيين الشيعة، وهم الأغلبية في العراق، سيقف بوجه النظام الجديد، الدكتاتوري العادل، لأن الغالب على تاريخ الشيعة السياسي ضد الأنظمة المتعاقبة في العراق هو قضية منعهم من إقامة شعائرهم الحسينية، فإذا ما أُعطيت لهم حرية إقامة هذه الشعائر فلن تجد فيهم، ربما، صوتا سياسيا معارضا لأي حكم سياسي في العراق مهما يكن نوعه وشكله! فإذا ما أضفنا إلى ذلك أن العراقيين على اختلاف دياناتهم ومذاهبهم ونزعاتهم الاجتماعية لا تهمهم السياسة ومن يحكم بها بقدر ما يهمهم ان يعيشوا ويعملوا وينتجوا ويبدعوا ثقافات وفنون في وضع يسوده السلام والأمان، فإن مشكلة العراق السياسية والأمنية وبالتالي مسألة تقدمه وازدهاره وتطوره ستكون ممكنة إذا لم يبق الحال على هو عليه اليوم، وستكون مستحيلة إذا بقي الحال على ما هو عليه اليوم. كما يعتقد البعض، وأنا منهم! |