التكنوقراط وحده لا يكفي |
الحراك السياسي اليوم يدور حول التغيير الحكومي ، وشكل الوزارة وإختصاص الوزير .. وهل يكون من التكنوقراط المهني ، الاختصاص ، ام من التكنوقراط السياسي ، أم تبقى الحال ، على ما هي عليه ، أي حسب نظام المحاصصة ، والتوافق ، فتكون الوزارة لكيان أو كتلة أو حزب ، وبموجب هذا المبدأ يكون من حق من ( ترسي ) عليه الوزارة أن يشغلها بمن يشاء من هؤلاء ، وكأنها ( ملك ) شخصي ، ويملأ ملاكاتها حسب مصلحته …
ويفترض مع هذا الحراك أن لا تغيب عن الذهن طبيعة مهمات الوزير اليوم ، فقد اختلفت كثيرا في الحكومات الحديثة عن السابق ، عندما كانت الامور مستقرة ، ثابتة ، ولا ينالها التغيير لسنوات طويلة على خلاف العالم اليوم ، فهو في حركة مستمرة ، و( ملفاته ) مفتوحة ، واهتماماته في تغير دائم .. أشياء تختفي ، وأخرى جديدة تظهر ، ولا يقف التحرك عند حد معين ، والعلم كذلك في تطور دائم ، والحاجات في تزايد مضطرد ..
وما تراه اليوم متقدما في مجال معين ، أو في قطاع من قطاعات الحكومة والمجتمع ، تجده غدا متخلفا ، ولا يفي بمتطلبات المرحلة ، أو يصبح زائدأ.. وما كان من واجب الحكومات في السابق حصرا قد يتحول اليوم الى جهات غير حكومية ، ناهيك عن دمج الاختصاصات المتشابهة في المؤسسات في كيان واحد ، بدلا من هذا التوزيع والتضخيم و( الورم ) في هياكل المؤسسات ، لاغراض ذاتية ، ترضي الاحزاب والمكونات ، على حساب الوطن والمواطن ، وقد لا يخطر في البال يوما ان تستحدث وزارات تكون بهذه الاهمية للمجتمع ، وتخدم المواطن أكثر من وزارات قائمة قد يشكل استمرارها عبئا عليه ، ولا فائدة منها، مقابل وزارات يشكل وجودها ضرورة مجتمعية ووطنية ، كاستحداث وزارة للسعادة تتولى مهمة تنمية المجتمع ، وأخرى للتسامح ، ويناط بها ترسيخ هذا المبدأ الانساني في المجتمع ، وتعزيز قيم التعاون والتكافل ، واستحداث هيئات خاصة بالشباب والعلماء والمرأة ، يتولى قيادتها من الشريحة نفسها ، لأنهم الاعرف بطبيعتها ومتطلباتها …
والبلدان اليوم بحاجة ( ليس الى المزيد من الوزارات ، بل الى المزيد من الوزراء القادرين على التعامل مع التغييرالمتسارع الذي يحصل في العالم ) ، ومواكبة التطور فيه ، وحاجة المجتمع الى ذلك ..
وتلك هي بعص ملامح حكومة المستقبل التي استشرفتها القمة العالمية للحكومات في دبي التي تدعو الى أن تكون الحكومات شابة في كل شيء ، في المضمون والشكل ، بما في ذلك قياداتها ..
فاين نحن في هذا العالم ، ولا نزال الى اليوم نختلف على الوزير ومواصفاته ..وشكل التغيير وضروراته .. وهل يشمل رئيس الحكومة ، ام الوزراء فقط ، كما تجد من بين الكتل من يرى انه لا يجوز لرئيس الحكومة تغيير الوزراء دون الرجوع لكتلهم ، وهي التي تغير الوزير ليكون البديل من حصتها ، أو تكون لها وزارة بعينها ، فيما يطالب أخر بان يكون الوزير مستقلا ، وغيرها من الشروط التي لا تمت الى مواصفات المنصب ، بل الى متطلبات المكون ، وتجعل من رئيس الوزراء وكأنه منصب ( شكلي ) ، وتدار الحكومة من الخارج ( الكتل ) في حين هو في واجهة المسؤولية ويتحمل الاخفاق والفشل ، أمام الجماهير والمرحلة والتاريخ ، ويتولى قيادة الحكومة والسلطة التنفيذية ..
وأزاء هذه المهمة …كيف لا يكون للوزير حق تغيير وزير غير مناسب لهذا المنصب ؟.. ( !!..) ..
وفي الوقت الذي يعيش البلد في ظروف مالية صعبة ، لا تزال وزارات قائمة تمارس واجبات يفترض أن تذهب إختصاصاتها الى مجالس المحافظات ، ويشكل وجودها هدرا في المال والجهد ، وتعد حلقة زائدة ..
اننا ندور اليوم في حلقة مفرغة ، ومشاريع لا طائل منها ، وطريق نهايته مغلقة ، ، ان لم نفتحه لنطل على العالم ، ونتفاعل مع جديده ، وحاجة المجتمع المتغيرة تبعا لما يحصل فيه ..
ولن يتحقق التغيير المطلوب ، إن لم نغادر المحاصصة ، ونعتمد المواطنة ونتخلص من سماع هذه المفردة الغريبة ( الفساد ) بكل اشكاله ، باغلاق كل المنافذ التي يتسلل منها ، وتقف حائلا دون كل محاولات الاصلاح المنشود..
وعندها يمكن للحكومة – اي حكومة – ان تحقق التغيير الذي يتطلع اليه الشعب في الامن والاقتصاد والتعليم والصحة والاسكان والبلديات والكهرباء والخدمات والصناعة والزراعة ، وكل مرافق الانتاج التي توفر العمل للعاطل والسلعة للمستهلك ، بدل ان يستوردها من الخارج وغيرها من الاعمال التي تتعلق بالمواطن وهي من صميم واجبات الحكومة ..
وتلك هي عملية التغيير الحقيقي .. وليس عملية تغيير وجوه فقط …
كلام مفيد :
قالوا ( الابتعاد عن صغار العقول لا علاقة له بالغرور، فهناك فرق كبير بين الترفع والتكبر) . |