خزينة مفلسة

 

فزعت لدى عودتها من عملها حين وجدت نقودها ومجوهراتها قد سرقت من بعض شباب الحي الذي  تقطنه . عرفت ذلك بعد انتشار حالات سرقة في الدور القريبة لدارها  واغلب السكان يعرفون السراق لكنهم  يلتزمون الصمت لايستطيعون البوح لغياب الملاحقة القانونية وخوفا من التصفية . كان لديها احساس ان الحالة ستتكرر معها  لأسباب لاتحصى ابرزها تفشي البطالة في صفوف الشباب وتزايد اعداد النازحين  الذين يسكنون العراء والهياكل  وافلاس خزينة الحكومة وعدم ملاحقة المفسدين . تأكد لها ان اللصوص هم من جيرانها عندما طرق مسامعها احدهم وهو يؤكد  والألم والحزن والاسف قد بدى عليه ان احد السراق ابنه .احس بالمهانة  والمرارة عندما كانت تبكي وتقول ان المال الذي تدخره الأسرة يخص علاج زوجها المريض اذا مانعرض لأزمة صحية اما المجوهرات فهي تتكيء عليها في الأزمات لاسيما وان مصير الرواتب مجهول ولا مصدر لها سواها . قبل ايام قليلة سرق خاتمها الذي كانت قد وضعته في خزانة ملابسها توقعت سهولة سرقة دارها بعد أن أسقط جارها الجدار العائد لها ليضيف بناء جديد له فقد قسم داره الى اربع مشتملات ليؤجرها للنازحين فمصائب قوم عند قوم فوائد . في ذاك الوقت كان عمال البناء ينتشرون في حديقة بيتها بكل وقاحة الأمر الذي دفع بها  الى اخذ اجازة من العمل لحماية اسرتها وبيتها فالأمن مغيب في بلدنا . بقيت مرعوبة مما حدث فالأسرة اصبحت في ليلة سوداء مفلسة . قرر اللصوص بعد ان كشف امرهم انهاء حياة رب الأسرة فهو رجل قانون وبأمكانه التمكن منهم فقد استيقظت في الليلة ذاتها على صياح زوجها وهو يشير لها بأن احدهم تسلل الى غرفة نومهم يحمل فأسا” لينقض عليه . القت بنفسها على زوجها  لحمايته صراخها  يتعالى لم تستطع التوقف من حالة الهستريا التي اصابتها من المشهد البشع الذي تعيشه لأول مرة حتى شعرت بإهتزاز عنيف كان ابنها الصغير الذي ينام الى جانبها يحاول ايقاضها من الكابوس الذي افاقت منه خائفة .القت بنفسها في احضان طفلها . كان قلقا” على والدته في حينها الساعة قد اقتربت من الثانية صباحا” وغربة البلد الآخر تلفها لم تستطع الأتصال بزوجها لفارق التوقيت فالعراقيون ترعبهم رنة جوال اوجرس دار او رسالة قصيرة فمراسيل الليل تجلب المصائب في كل الأحيان .

جلست حائرة قلقة لاتدري ربما يتحول كابوسها الى حقيقة فالواقع ينذر بأن الأيام حبلى بجرثومة العهد الجديد ولا شيء من وراء الأفق يدعو للأفضل فالأصلاحات الحكومية وتغيير الكابينة الوزارية التي اعلن عنها مجلس الوزراء مؤخرا” ربما هي انسحاب تدريجي لبعض الفاسدين عوضا”عن محاسبتهم. توقعاتي تمخضت عن كثرة المضايا علني اكون مخطئة ..