العجز الأمريكي في العراق يفتح الباب أمام حلف الناتو |
كتب المحلل السياسي والكاتب الأمريكي الشهير ستيفن هيل في سبتمبر عام 2003 مقالة بعنوان "ان حلف الناتو .. الدواء الأنجع لمأزق العراق". مستنداً الى أن الكثير من الدول الحليفة لديها خبرة أكبر مما لدى الولايات المتحدة الأميركية في مجال بناء الدول، مستذكراً بالخبرة التي راكمتها فرنسا في هذا المجال في منطقة غرب إفريقيا، وخبرة الدول الإسكندنافية في منطقة البلقان. وعلى الصعيد الرسمي لم تكن فكرة أمريكا الاستعانة بحلف الناتو وليدة اليوم بل في عام 2003 لوحَ وزير الخارجية الأميركي كولن باول لحلف الناتو لنهوضه بمهام جديدة في المسرح العسكري الدولي في أنحاء من الكرة الأرضية لم تخطر على بال أحد منذ إنشاء الحلف، في تلميح واضح منه وصريح ان أمريكا بحاجة الى مساعدة حلف الناتو في حرب العراق، لكن الشكوك الأمريكية في وقتها منعتها من طلب مساهمة الحلف بالحرب معها على العراق بسبب عدم حماسة واستعداد الحلفاء الرئيسيين لتولي مهام عسكرية في العراق، وبلا شك ان أمريكا كانت متحسسة من أن يلجأ الحلفاء الكبار إلى ممارسة حق النقض الفيتو لمنع حلف شمال الأطلسي الناتو من القيام بدور عسكري في العراق. وبعد 13 عام أعادت أمريكا الفكرة رسمياً على لسان وزير دفاعها آشتون كارتر، في مؤتمر صحفي له من بروكسل مساء الخميس 11 فبراير 2016، معلناً عن اتفاق حصل بين أمريكا وحلف الناتو على إيفاد قوات من الحلف إلى العراق للمساعدة في محاربة داعش، وأعلن عن حاجة أمريكا لكافة أنواع الدعم وليس فقط الدعم العسكري. ويستند حلف الناتو في تدخلاته على وسيلتين أساسيتين: الوسيلة السياسية: يلتزم حلف شمال الأطلسي بالسعي إلى حل النزاعات بالطرق السلمية، من خلال التشاور والتعاون في قضايا الدفاع والأمن لبناء الثقة ومنع الصراع على المدى الطويل. الوسيلة العسكرية: يلتزم الحلف بالسعي إلى حل النزاعات بالطرق السلمية، وفي حالة فشل الجهود الدبلوماسية، يمتلك الحلف القدرة العسكرية اللازمة لخوض عمليات إدارة الأزمات. حيث يتضح لنا أمرين من خلال تصريحات وزير الدفاع الامريكي آشتون كارتر الامر الاول: ان الحاجة الامريكية بالدرجة الأساس من حلف الناتو هو التدخل العسكري المباشر في العراق، بدليل ان التصريحات الامريكية جائت على لسان وزير الدفاع وليس وزير الخارجية كما حدث عام 2003. الامر الثاني: في حال نجحت قوات حلف الناتو بتحقيق نتائج عسكرية إيجابية على الأرض في العراق، فمن الممكن الإستعانة بالحلف سياسياً لحل النزاعات بين الأطراف العراقية التي فشلت أمريكا عن حلها على مدار 13 عام، والمساهمة في بناء الثقة السياسية من جديد بين السنة والشيعة من جه وبين العرب والكرد من جه أخرى. أخيراً اعترفت الولايات المتحدة انها ليست القوة الدولية العظمى الوحيدة في العالم، وتخلت عن المضي في نهجها الاحادي، وأيقنت الولايات المتحدة الامريكية إلى أن الترتيبات الدولية ونهج التعاون الدولي والعمل مع الآخرين هو الحل الاسلم لها. |