الأسلحة والأطفال

 

من أجمل ما كتب خالد الذكر السياب قصيدته (الاسلحة والاطفال).

فكل ما يجمعه الدوّارون الذين يشترون الاشياء القديمة الصدئة من حديد وما شابه تتحول على ايدي التجار الى مواد مصدرة الى الغرب الذي يستعملها في صناعة الاسلحة التي تعود مرة اخرى لكي تسقط حمماً على رؤس المناطق التي تم شراء الحديد العتيق منها فيسقط الاطفال صرعى وهم يتلقون هذه النيران بأجسادهم الغضة.

 

كتب السياب قصيدته هذه يوم لم تكن هناك اسلحة بلاستيكية يتقاذفها الاطفال ويلهون بها في الازقة والبيوت وتصدر أصواتاً مزعجة لكن الاطفال فرحون بها وبأنغامها التي تشابه أصوات رمي القذائف النارية، فماذا كان سيكتب لو أنه عاش زماننا هذا حيث صار السلاح الحقيقي بيد الصبية، بل ويباع علناً في الشوارع والساحات ولا ننسى أبداً أسواق بيع الاسلحة التي تتم نهبها من مخازن ومعسكرات الجيش حيث أصبحت نهباً لكل من هبّ ودبّ واستشرى الامر حتى صرت ترى من يعرض عليك رشاشاً أو مسدساً أو أي نوع من الاسلحة التي كانت بحوزة الجنود والضباط أو مخزونة بالآلاف في مخابئ ومخازن تم كسرها والاستيلاء عليها، واذا قلت للبائع أنه ربما ان هذا السلاح الذي يعرضه للبيع غير صالح للعمل، فانه يقوم بتجربته أمامك رافعاً اياه الى الفضاء!.

 

رغم اني اكره الاسلحة كرهاً غريباً فلا أطيقها ولا أطيق تسمياتها ومعرفة انواعها وأشكالها، غير اني صرت أحرّك رأسي يمنة ويساراً وأن مصاب بدهشة عجيبة، اذ كيف لي وأنا الذي اكره السلاح بكافة تفاصيله أن أرى كل هذه الاسلحة معروضة للبيع وعلى عينك يا تاجر!.

 

في كل عملية تفتيش تقوم بها الجهات العسكرية للمنازل بحثاً عن الاسلحة كنت أقول للمفتش: أنا لا أملك في بيتي سوى سكاكين المطبخ ولا أظنها ممنوعة، فأترحم على السياب وعلى زمنه، وعلى وقت صار فيه السلاح مشاعاً في كل مكان.