العُمْرُ بَعْضُ بَقَاك إلى آية الفقه والثقافة الشيخ عبد الهادي الفضلي..... السيد احمد الماجد

 

 

 

 

 

جِدْ لي خيالاً واسعاً كي أرسُمَكْ 
ونبوغَ فكرٍ كالسماءِ لأفهَمَكْ

 

جِدْ للفقاهةِ مَشْرِقاً، جِدْ للرؤى 
كوناً وبعضَ براعةٍ لأُتَرْجِمَكْ

 

يا مُلهَماً قَشَعَ المَدَاركَ مُلْهِماً

كُلَّ الجهاتِ لحيثُ ربُّكَ ألهَمَكْ

 

ولففتَ رأسكَ من قِمَاشِ مجرةٍ

وعلى مَقَاسِ الأفقِ صِغْتَ تَكَلُّمَكْ

 

وخلقتَ من وحيِ العمامةِ آيةً

بيضاءَ ناطقةً وقد شَغَلَتْ فَمَكْ

 

لتشاركَ الأصداءَ نسجَ خيوطها

وتعودَ مكتشفاً وتنفضَ مَنْجَمَكْ

 

وتهزَّ جُمْجُمَةَ السماءِ عوالماً

تترى وثوبُكَ لم يَكُنْ لِيُحَجِّمَكْ

 

متقمصاً بينَ اللغاتِ جهاتِها

أسرى بكَ التأليفُ حتى أعْجَمَكْ

 

وغزلتَ قطرَ الأرضِ تنسجُ قامةَ الـ

قرآنِ والوحيُ المُنَزَّلُ صَمَّمَكْ

 

فذاً تقيسُ الكونَ، أيَّةُ فكرةٍ

فَرَضَتْ على عرشِ الرفوفِ تَزَعُّمَكْ

 

فَغَمَرْتَ مسرحكَ الطويلَ مرافئاً

وروافداً وصدىً يُعِيْدُ تَنَغُّمَكْ

 

وغَرَسْتَ آبارَ الحقيقةِ في الخطى

ومضيتَ منفرداً تُفَجِّرُ زَمْزَمَكْ

 

وأتيتَ من أقصى الفلاسفِ منطقاً

سهلاً يُذَلِّلُ في المَدارِكِ طَلْسَمَكْ

 

وعبرتَ فوقَ المستحيلِ تقاسمُ الـ

أعمارَ علمَكَ، والتواضعُ عَلَّمَكْ

 

أثثتَ عقلكَ بالمعارفِ نافضاً

عنكَ السرابَ مجاهداً مَنْ أوهَمَكْ 

وخرجتَ من رحمِ الغبارِ معالجاً

صدأ الرؤى وحَكَمْتَ أنْ لا يَحْكُمَكْ

 

ونصبتَ أشرعةَ الحِرَاكِ، عبرتَ في

رملِ الجمودِ، ولم تُؤَجِّلْ مَقْدَمَكْ

 

من خارطاتِ الفكرِ رحتَ تصافحُ الـ

بلدانَ تحقنُ في مسافتها دَمَكْ

 

والوقتُ يكشفُ في يديكَ ضفافَهُ

وتموجُ أصدافاً وترفُدُ مَغْنَمَكْ

 

وبَزَغتَ في الآفاقِ سِرْبَ ثقافةٍ

وفقاهةٍ ومُفَكِّراً ما أعظَمَكْ 

عُمُرٌ بإيقاعِ الجهاتِ، ببوصلاتِ الـ

وقتِ، بالإنجازِ قامَ وقَدَّمَكْ

 

ما أنتَ ذاكَ الصامتُ، الفقهُ الذي

صوتُ القطيعِ على المخافةِ أرغمَكَ

 

جاهرتَ تقتنصُ الضلالَ وترتمي

ضوءَ الحقيقةِ والتقادُمُ أضْرَمَكْ

 

بخطاكَ تبتكرُ التراثَ مرونةً

وتنقِّحُ الماضي وتترُكُ مَعْلَمَكْ

 

وتعوذُ من بُقَعِ الخرافةِ ناصعاً

ولمَنْ يُسَوِّرُها تُذِيْعُ تَبَرُّمَكْ

 

وثباً على الجدرانِ سِرْتَ منازلاً

أحجارَها وحلفتَ أنْ لا تهزِمَكْ

 

فبدوتَ ما بينَ النماذجِ ثورةً

أنموذجاً للفكرِ تشبهُ مُلْهِمَكْ

 

ها أنتَ أنتَ الحوزةُ الأخرى التي

بينَ الدُّجَى والصبحِ مَدَّتْ سُلَّمَكْ

 

وتَشَكَّلَتْ بالعَبْقَرِيّةِ نَغْمَةً

تحكي على مَرِّ المَوَاسِمِ مَوْسِمَكْ

 

هادٍ، فرشتَ صداكَ، كم مِنْ منبرٍ

فَرَعَ الزمانَ على المكانِ وقَسَّمَكْ

 

عارَضْتُّ مَنْ ينعاكَ ألفُ علامةٍ

تُحْيِيْكَ، تُشْعِلُ في المعارفِ أنجُمَكْ

 

وتشقُّ أروقةَ الرفوفِ مربياً

وأباً تُوَزِّعُ في المرايا توأمَكْ

 

سافرتُ عبرَكَ فكرةً، موسوعةً،

أسطورةً ومعاجماً، ما أعظمَكْ!

 

قالوا رحلتَ وقد رحلتَ عن المدى الـ

منظورِ مبتكراً تُؤَلِّفُ مُعْجَمَكْ

 

يا أيها المشغولُ عن أوهامنا

حيثُ الحقيقةُ قد أتتْكَ لتخدُمَكْ

 

فجمعتَ في يدكَ البِحَارَ مُجَدِّفاً

وببعدِكَ النائي شَقَقْتَ تقدُّمَكْ

 

ووصلتَ من نجفِ العراقِ مُحَمَّلاً

بالتجرباتِ يَشُكُّ قوسُكَ أسهُمَكْ

 

سافرتُ منكَ إليكَ كم من آيةٍ

شَرِبَتْكَ وارتعشتْ تُجَرِّدُ برعُمَكْ

 

وتفضُّ أوراقَ الجُمودِ سلالةً

فقهيةً، عجزَ المدى أنْ ينظِمَكْ!

 

تمشي على جيلينِ حيثُ تكلَّمَتْ

شفتاكَ كنتَ مُجدداً ما أقدمَكْ!

 

سَوَّرْتَ نفسكَ بالعطاءِ ولم تزلْ

عالٍ، وقد عَجِزَ العُلا أنْ يُكْرِمَكْ

 

ورحلتَ في يدكَ الحياةُ تديرُها

وفُطِمْتَها لكنْ أبتْ أنْ تُفْطَمَكْ

 

عَوَّدْتَني أنْ أقتدِيْكَ وأستقي

منكَ الهدى وطناً وأنْ أترنَّمَكْ

 

ظامٍ لمنبركَ الخيالُ فجُدْ على

كأس الفصاحةِ والبلاغةِ بلسَمَكْ

 

مِنْ أيِّ حُزْنٍ أبتدي أو أنتهي

والحُزْنُ في كُلِّ النواحي لَغَّمَكْ

 

فحَمَلْتُ نعشَكَ بالجُفُونِ وأدمُعِي

ترثي بخدِّ الذكرياتِ تَبَسُّمَكْ

 

يا والدي في الفِكْرِ أيتمتَ الرُّؤى

وتركتني طفلاً أعاينُ أنجُمَكْ

 

من لي بدونكَ سيدي، وأنا الذي

عودتني وسطَ الدجى أنْ أحلُمَكْ

 

أيتمتَ عقلي، هاكَ عقلي عاجزاً

وهو الذي كم طافَ فيكَ وأحرمَكْ

 

أحتاجُ أن أنعى الحياةَ وقد مضى

عنها المدادُ ولم تشأ أنْ تختُمَكْ

 

يا أوسعَ الفقهاء، أطولَ قامةٍ

أنى لموتكَ سيدي أن يهدِمَكْ؟!

 

هذا العطاءُ الثرُّ في لغةِ المدى

أبداً لقبرِكَ لم يكنْ لِيُسَلِّمَكْ

 

العمرُ بعض بقاكَ لستَ براحلٍ

والخلدُ من قبل ارتحالكَ جَسَّمَكْ

 

السيد أحمد الماجد

08-04-2013م