في مجتمع صديقنا .. الكذب بين الموروثين الإجتماعي والبايلولجي

 

عنوان اخترته لبحثي هذا لاننا جميعا كذابون ونحن مجتمع الكذابين حياتنا كلها كذب في كذب وخداع في خداع أمي كذبت علي وأبي كذب علي وأخي غدرني وكذب علي وقدوتي رجل الدين كذب علي والاحزاب تكذب علي والحاكم يكذب ويسرق علي والحكومة تكذب وتخدع الناس والديمقراطية كذبة الاحزاب والكيانات المجرمة فضاع بلدي وضاع المجتمع .فاصبحنا مجتمع الكذابين .كنت طفلا يقولون لي ..اللي يكذب الله يذبه بالنار.. كذب وببلاش مو خسارة ..ترنيمة وجمل نسمعها من امهاتنا في الطفوله (اللي يكذب اويبوك الله يذبه بالنار).. وعندما نكبر نسمع من الانسان في الشارع (الكذب بلاش مو خسارة) وعندما اصبحنا شبابا قضينا عقداً من الزمن في حروب الحكام الكذابين الذين خدعونا بالاشتراكية وكذبة تحرير فلسطين وخدمنا في العسكرية فوجدنا ان وحدات الجيش لا تنتصر بمعاركها إلا بالكذب أو غش العدو .. فتحول تحرير فلسطين الى حدودنا والى الكويت بالكذب وعندما كبرنا أكثر فرض الحصار على العراق وجوعونا ( بكذبة البرادعي النووية ) وترسانه كذبة الاسلحة العراقية الكيمياوية..وبعد ان ارتحت من العسكرية جلبت لنا الامه العربيه امريكا بالكذبة الاممية وغزت الجيوش واحتلت بغداد والدولة العراقية ..وبعد أن انكشفت كذبة صدام والامة العربية .. بدأت تتضح كذبة أمريكا والديمقراطية .. وتنفست احزاب الكذب والخداع الاسلامية وتحركة بالكذب والخداع البيادق الصهيونية والحركات الارهابية في لعبة الديمقراطية وثورات النفاق والخداع العربية في مصر وتونس وليبيا واليمن وسوريا .. وتحركت مخالب الصهيونية وصنيعتها الوهابية وكذبة الصهيونية بواسطة داعش والسلفيه وهكذا قضينا العمر بالكذب والحروب النظاميه وارهاب داعش والوهابية وعندما كبرت والشيب ظهر في جسدي اخذت في مخيلتي لماذا جميع الناس تكذب رغم انهم يعرفون الله قد حرم الكذب بكل صورة …. وفي عام 2008 م إنتهيت من بحث لي عن الكذب كموروث .. وتوسعت بالبحث وصدرلي كتاب أسميته ( صديقنا الكذب بين الموروثين الاجتماعي والبيولوجي ) لاننا في مجتمع يبحث عن الصدق المفقود ,, والكتاب عباره عن انثربولوجيا اجتماعية .. لايمكن لمجتمعنا التخلص من الكذب …فكيف به وبلغت سنين حروبه خمسين سنة وتاثيرها على الاجيال لان عسكرت المجتمع والحروب تعتمد الكذب فيها وخداع العدو وغش العدو..فازدادت وارتفعت نسب الكذب بشكل فضيع حتى عند الاطفال لذا عمدت التكلم عن هذا البحث على مقياس لساني الساخر .. فمنذ لحظة الوعي..كنت اسمع أمي، وجدتي تقول لي ..اسمع ولك (اللي يكذب ،أو يبوك الله يذبه بالنار).. وكنت أرى أهلي ، وجارنا (أبوعباس ال مهوال) ،وأعمامي، وأخوالي ، وزوجاتهم ، وأولاد القرية كلهم يكذبون.. حتى أنا ..كثيرا ما كذبت أكثر من مرة أمام أبي الغاضب رحمه الله ، وهو يقول لي ياكذاب ( ويحذرني ويقول لي .. لا تكذب ..الكذب موبلاش.. ماتدري اللي يكذب الله يذبه في بالنار) وهو يلوح لي (بعصاته من اغصان الرمان ).. كنت دائما أحلم بكابوس أن القرية – وهي حدود عالم طفولتي – كلها ستدخل في النارلانهم يكذبون .. نشتعل ، وننشوى بالنار ..، فأجد نفسي ،وقد عملتها على حالي (تبولت في الفراش ).. لأخذ جزائي في الصباح .. بسطه ساخنة بالقبقاب من أمي لشهرة القباقيب في ذالك الوقت بداية الستينات . واذا تكررت الحاله تحمي لي امي ( تسخن بالنار) منجل حصاد القمح الحديد وتكويني .. وفي المدرسة كان معلم (الدين ) لئيما دائما ظالما .. مهددا.. متوعدا بعصاه الغليظة.. ، ومشددا علي أن لايرانا في ملابس رثه (ونحن فقراء اباؤنا لا يستطيعون شراء اكثر من دشداشه (قميص ) في العيد وبالدين الاجل ) قائلا ساضرب من ياتي حافيا للمدرسة (فلقه ): ،وكان المعلم ينافق لوالدي كذبا .. لم يكن احد في عائلتنا الأمية الكبيرة يصلي ، الاوالدي .. يتوضأ ويذهب للمضيف .. ونحن نشرب الماء البارد من الجره (الجره الحجرية ) كنا بهذا المقياس عائلة ، في قرية فقراء .. ،ومع ذلك كنت أذهب للصلاة مع والدي للمضيف (المسجد ) ، عند الغروب بوضوء ،أو بغير وضوء خوفا من عصاة والدي …. ونذهب الى جارنا أبو عزيز او مجيد ناجي ال صفوك )رحمه الله بحزامه العريض ، فأتخيله بجسده الضخم المدهن ،وهو يشوى لحم التكة على مهل في نار جهنم ..وهو يقول باستطاعته اكل الخروف باكمله (كذب وبلاش قابل خسرانين مو خسارة) ..وينظر لي ويقول بس (الي يكذب الله يذبه بالنار) … وهو يمزح وأنا اصدقه.. وتذكرت قول امي وانا صغير .اللي يكذب الله يذبه بالنار.. و لكني في نفس الوقت بدأت أشعر بالحزن من نهايتي المحتومة للنار ، فانا كوني من عشاق أغاني عبد الحليم في حينها.. لابد واني سأحشر معه ومع كل المطربين ،وهو يقول (نار يا حبيبي نار)..،ولن تشفع له الأدعية المؤثرة التي تركها خلفه كما قال الشيخ محسن النقاش في المضيف (المسجد )..بل وحلف اليمين ثلاثا أن دخانا يتصاعد من قبر العند ليب اذا مات لاننا اخذنا نسمع عبد الحليم ولا نجلس للسماع لمحاضرة شيخ محسن الدينية .. يا ويلي..ويا سواد ليلي.. اتصور الحديد ،وهو يصب في اذني .. كما أكد لنا الشيخ (محسن النقاش رحمه الله) ، كنت اهرب من الشيخ ( محسن رحمه الله ) ،فواظبت على الصلاة طوعا إيمانا ،واحتسابا ،وليس خوفا هذه المرة من عصا الرمان عند ابي .. لقد احببت الشيخ محسن رحمه الله حقا.. لا ادري لماذا..؟ربما لخفة ظله في ملاحقة من يسرقون المشمش من بستانه وانا منهم .. وأثناء محاضرته الدينية يقول اسماء من سرقوه فنندهش من قال له سرقنا البستان وهو يسر المعجبون بلهجته الفراتية المدهشة فنزداد خوفا كيف شاهدنا ومن قال له فقمنا نهرب من محاضرة شيخ محسن النقاش رحمه الله .. كنا مع ذلك كشباب..،نذهب الى السينما الصيفية في مركز القضاء.. ونخجل من النظر الى فتيات المدينة الجميلات ،ونشبههن بـ(الغزلان ) مقارنة ببنات قريتنا الذابلات، والملفوفات بالحزن ،والسواد.. نتخيل أنفسنا /معهن نجوما في فيلم رومانسي .. ونتعلل بان الله جميل يحب الجمال.. ثم نعود للبيت متخفين لكي لا يكشف امرنا من اهلنا واحيانا باكاذيب نختلقها ومخافة أن يشي بنا احد إلى اهلنا … ونسيت ماكانت تقوله لي والدتي عن الكذب .. الذي لم يغيب عن مخيلتي طول حياتي وبدات ارى كل ما حولي كذب في كذب في كذب في كذب .. فلاحظت البقال يصلي في الجامع ويبكي .. وبعد الصلاة يذهب ليسرق في الميزان – ويقسم اليمين كذبا في الاسعار.. ولاحظت السياسي يكذب ولايفي بوعوده .. ورايت رجل الدين .. يكذب .. كما هو التاجر .. والمحارب والخداع والحرب .. والشرطي يشجع شهادة الزور والكذب .. وشاهدت الاب يعلم ابنه الكذب .. ويقول لابنه اذا ماتكذب ما تعيش.. ولاحظت المعلم يكذب امام تلميذه .. ويتلفظ الالفاض التي يقشعرمنها الجسد .. ولاحظت المتاجرة بعقول البشر .. شيخنا الدجال يرشدنا لتلاوة القران .. وهو في الكذب فنان .. والسياسيين واحزابهم يتبجحون بالدين كذبا وبحقوق الانسان ..وكل يوم يغتالون الصحفي والفنان .. وانتشرت الرذيلة وسقط سلوك الانسان..وتجاهلنا تاريخ ايام زمان والمزاح بكذبة نيسان ..وهي خسارة المسلمين وغلبة للاسبان ..ولاحظت .. الكلب عندا يعشض انسان يهرع الطبيب الى ابرته ( لكي يعطي المعضوض واحد وعشرين ابرة على مدار واحد وعشرين يوما بمعدل ابرة في كل يوم ….. اما في بلاد (البس بس نو ).. فانهم يعطون الكلب احدى وعشرون ابرة حتى لا يصاب بالمرض الانساني .. فلماذا انقلبت الامور على هذا النحو .. ؟الكلب في تراث الانسان ..وفي لصاحبه .. ولا يكذب في ذلك او ينافق .. أما الانسان يمكن ان يكون صاحبك في العلن امام الناس … وعدوك في السر .. وقد يظهر لك الوفاء سنين عديدة .. ولكنه يضع سكينا حادا يخفيه خلف ظهره لكي يطعنك ويغدرك .. لذا فمن المؤكد انه ان غدرك وعضك باسنانه او عضضته باسنانك فسوف يتعرض جسم الكلب لاحدى وعشرون ابرة حتى لا يصاب بمرضك ..لان الانسان هو الغدار عديم الوفاء وليس الكلب … والكلب معروف بالمروؤة والوفاء ولا يخدع صاحبه .. فان قصدته في امر وانتخيته نفذه لك فورا .. كأن تعطيه اشارة مثلا بان يعض فلانا فهو لا يتاخر …او ان طلبت منه ان يسترخي جسده لفلان او فلانه .. فتراه في الاولى ذئب متمرد .. اما في الثانية فهو ارنب او حمل وديع .. هذا هو الكلب …اما الانسان فمروءته ماتت …وموجودة فقط في كتب التاريخ .. وقد كتبت خصيصا لانه يفتقدها ( وهذا سبب بحثي في موضوع الكذب لاننا افتقدناه )…… والكلب المسعور ايها السادة .. سعر لأن الانسان اكثر منه سعرا وغدر وكذب .. ولو عاش الكلب قرنا من الزمان فلا يمكن ان يسعر الا اذا رأى الانسان يغش ويمكره وقلة حيائه .. لذا فقد اخترعوا للكلب قلوبا حنونة من بني الانسان لكي تمنحه العطف والدلال وتنصفه قبل ان يتحول الى ذئب مفترس ….. وتحضرني في هذا المقام كلمة لاحد الكتاب المعروفين ….. عندما رأى امرأة في امريكا تحتضن كلبا وتحنو عليه وتهدئه فقال : يا ليتني كنت كلبا عندك ..عزيزي القارىء .. احذر ان تعض كلبا .. فقد تنقل اليه من خلال لعابك كل الجراثيم التي تجعله من فصيلة الانسان .. وبذا فقد جنيت عليه وعلى نفسك…… الخلاصة أننا بمقاييس الدين ..كلنا كذابين .. وتفكير هذا بعواقب الكذب الشامل.. يذكرني بمعلمي في الابتدائيه كان فارغ للغة العربية مبتهج أمامنا ،وكأنه يزف بشرى بان كل الصف صفر في الإملاء..، وانه فلتة زمانه.. ،وينافس سيبويه في المكانة.. مع انه بعنجهيته ،وفجاجته كرهنا في المدرسة ،والعلم .. لانه لغوي وجاهل الاخلاق مبهورا بنفسه ، إلى أن أتى معلم شاب متواضع ،ومتمكن أعادنا بالتدريج إلى الضاد ،وأعاد أيضا للغة اعتبارها ،وحلاوتها.. واليوم نسمع عن فتاوى مسلم يهدر دم مسلم … جعلتنا نبتسم لأنها لا تعدو أكثر من نكتة اسمعها..، لكنها حقيقة ،.. فان الأمر يستحق أن نلطم..، ونلطم ،..ونلطم.. على أيامنا البيضاء وهذه الايام السوداء .. ونتحسر حتى على أيام امنا التي تقول لنا (الكذاب الله يذبه بالنار) ، المشكلة ان المتحدثين الزور باسم الله في الارض..يزايدون علينا بالكذب .. وهم لا يدركون ان بين الرب وعبده علاقة خاصة لا تقبل القسمة على ثلاثة فأكثر.. فالله ارحم بعبيده من عبده.. وقد وسعت رحمته كل شيء ، فأسفا أصبح المجتمع كله اليوم يكذب . ولو أراحنا الله منهم اولئك التجار الفجار وكذبهم …. لكانت حياتنا اقل بؤسا ،وقنوطا.