شَخصياً لستُ ضِد حكومة تكنوقراط لكن؛ ضِد طبيعة الدعوة إليها، وطريقة تنفيذها، بَل ضِد الجِهة التي دَعت إليها. الدَعوة لحكومة التكنوقراط، كانت ناقِصة الأسس، ما يجعل مِنها، دعاية إنتخابية أخرى، حالها حال توزيع الأراضي عند النائب الحَسن، ودولة مؤسسات موفق الربيعي، وحتى دولة قانون المالكي. طريقة جَديدة، يَتبعها جناح لندن في حِزب الدعوة، الذي يُعتبر أكثر هدوءاً، مِن جناح سوريا الذي يُمثله السيد المالكي، هَذه المرة التَصعيد الإعلامي غَير مرغوبٌ فيه، فالأسلوب الدارِج هو التسويف، وسياسة خَلط الأوراق. الأحداث إلى الآن، تُشير إلى تمادي السيد العبادي بتأجيل الأهم، لصالح المُهم، فالمرجعية والمتظاهرين طالبوا بإصلاح القضاء، محاسبة الفاسدين، القضاء على الفساد، وإرجاع الأموال المُهربة، ليكون الطريق مُعبداً لِأجراء تقييم للوزراء والنِظام بِشكلٍ عام، وهو الفاصِل في إحداث أي تغيير. هذا بالضبط، ما أهمله السيد العِبادي في قراراته، كانَ الأولى أن يُصلِح المنظومة القضائية، قبل الإعلان عَن تحويل بعض المسؤولين للقضاء، فالشعب الذي يَملك حَق التقييم، شكك بهذا الإجراء، نتيجة لسابق معرفة بالقضاء، فوزير التجارة، المفتش العام لوزارة الصحة، ملف السونار سيء الصيت، كانت وما تزال، تَطعن بنزاهة المحكمة. جُملة هذه الإمور، تسويف الأهم لاجل المُهم، تجعلنا ننظر لحكومة التكنوقراط المُرتقبة، على أنها تَكريس لأرستقراطية حزبية، فَحديث السيد الصَدر الأخير، يوحي لإستهداف مبرمج ضِدَ ممثلي التيار، في حكومة العِبادي، ويؤكد أيضاً على تمكين حزب الدعوة، من المناصب المهمة والحساسة. النِظام العراقي بَعد سُقوط الصَنم، يُعاني من إقطاعية حِزب مُعين، مبدأ التعيين بالوكالة، أتاح للسيد المالكي، زج كل مريديه داخل مؤسسات الدولة، مُحولاً أياها إلى مؤسسات حِزب، يتوارثها الدُعاة، بَعيداً عن تكنوقراطية جناح لندن. إذاً، الإرستقراطية الحاكمة هي الأقرب، من تكنوقراطية فاقدة للمصاديق وإلا؛ ما الذي مَنعَ المالكي من تمكين التكنوقراط، في مؤسسات الدولة، وهو خالق نِظام التعيين بالوكالة! ثُم لماذا لم يوكل العبادي المسؤولية لتكنوقراطي من حزبه، حينَ شكل الحكومة الحالية! فلسفة حزب الدعوة، كِلا جناحيه (سوريا ولندن)، قائمة على الحُكم، فهو ليسَ تياراً جماهيرياً، ولا يُمكن أن يكون كذلك، وهذا ما يجعلهُ مُتمسكاً بدفة الحُكم، ويحولهُ مطيةً لرفاق الدرب، فبلا حُكم لا وجود لحزب الدعوة. الإشارات تأخذنا إلى إقطاعيات جَديدة، بِعنوان تكنوقراطي، تؤسس لأرستقراطية حاكمة، ليست الأفضل بالتأكيد، لكنها أمتهنت التسويف، وإعتاشت على صِناعة الأزمة، وتَمكنت من الماكنة الإعلامية.
|